الشهيد محمد علي عبد المجيد: أيقونة وطنية خالدة في ذاكرة السودان.
لن يمحو الزمن اسم الشهيد محمد علي عبد المجيد، فقد خطّه بمداد التضحية والفداء في سفر الوطن، وظلّ رمزًا للصمود والتصدي في وجه أخطر مهددات كيان الدولة السودانية.
لقد نذر حياته دفاعًا عن الأرض والعرض، مضحيًا بروحه في سبيل بقاء الوطن موحدًا عزيزًا.
ورغم رحيله، فإن صوته لا يزال مدويًا في آفاق المجد، وأشعاره وكلماته تتردد في وجدان الأوفياء.
ابنه الأكبر، الذي سار على درب والده في الشجاعة والبسالة، أصيب في المعركة، ويتلقى العلاج حاليًا في القاهرة.
كانت كلمات الشهيد وأشعاره سلاحًا لا يقل فتكًا عن الرصاص، إذ كانت قذائف حارقة تتساقط على رؤوس المتمردين والمأجورين والمشككين في قوة وجسارة قواتنا المسلحة، وكانت في الوقت ذاته أمطار خير وطمأنينة تهطل على قلوب الوطنيين، تثبتهم، وتبعث فيهم الأمل، وتوقظ فيهم روح الفداء.
لقد عرفت هذه الأسرة العريقة عن قرب لأكثر من ربع قرن، فهي من سلالة الشموخ والاعتزاز. والده، المعلم الفاضل الأستاذ علي عبد المجيد، هو حفيد جراب الرأي الأمير يعقوب، رجل الحكمة والمواقف المشهودة.
أما شقيقه، صديقي العزيز الدكتور أبو بكر، فهو من ألمع شعراء جيلنا، وزميلي في جمعية النوارس الثقافية، يكتب بالفصحى والعامية أروع الأشعار، فتنساب كلماته كالنهر العذب، تعبر عن همومك الوطن وآماله.
وشقيقه الآخر، الشاعر المبدع عمر علي عبد المجيد، هو صاحب الروائع الخالدة التي ستظل محفورة في ذاكرة الأدب السوداني.
ثم هناك العميد عثمان، الفارس المغوار، الذي لم يتردد لحظة عندما نادى القائد العام للجيش أبناءه المخلصين، فأنهى انتدابه من قوات الدع م الس ريع وانضم فورًا إلى صفوف الجيش، مقدمًا مصلحة الوطن على كل شيء.
هذه أسرة سودانية كاملة الدسم، متجذرة في الوطنية، عابقة بالمجد، أعطت الجيش فلذات أكبادها، وأهدت منابر الشعر أروع مبدعيه.
لم يكن منزلهم مجرد بيت، بل كان قلعةً من قلاع القيم والمبادئ، تفتح أبوابها لنا في الليل والنهار بكرم سوداني أصيل، فكانت دارًا للوطن في قلب حي الأمراء في أمدرمان.
سلامٌ على روح الشهيد الطاهرة، وسلامٌ على أسرته التي أنجبت الأبطال والشعراء. نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء، وأن يحفظ السودان وأهله من كل سوء