عمر عبد السيد يكتب: تخريج حفظة النور
(النور) المقصود هنا، هو النور الذي أوجب الله علينا اتباعه للنجاة في الدنيا والآخرة، نور الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والتخريج لمن حفظوا هذا النور وتزينت وتفتحت عقولهم به وبهديه.
نهار الخميس ٢٧ صفر ١٤٤٧ هـ الموافق ٢١ أغسطس ٢٠٢٥م، شهدنا حفلاً مميزاً وفريداً، مميزاً في حضوره ومقاماتهم وتنظيمه وترتيبه ومكانه وإخراجه، مميزاً لارتباطه بكلام العزيز الجبار، وتميز المكان، إذ هو بيت من بيوته مسجد الشيخ مجذوب حاج سعيد رحمه الله بحي الترعة بمحلية كسلا، وفريداً لندرة هكذا برامج في ظل النكبة التي تعيشها بلادنا.
شهدنا مسك ختام البرنامج الصيفي وتخريج حفظة كتاب الله وتكريم متفوقي المرحلة الابتدائية والمتوسطة وتكريم الفائزين في مسابقة شهر رمضان.
حفظة كتاب الله الذين لم يتجاوز عمر أكبرهم ١٦ عاماً، بثوا في نفوسنا شحنات من الأمل والتفاؤل بجيل واعد بخير كثير.
جئت الحفل لمشاركة أخي الفاضل عبد الحي الصديق تخريج إبنيه (عبد الله وعمر) بعد إكمالهم الحفظ بتفوق ونبوغ، كنتُ كل بُرهة أراقب وجوه آباء الحفظة، الذين اختلجت مشاعرهم وسالت دموع الفرح والسرور لتسقى المآقي العطشى وتروي الأفئدة.
زرع الحبيب عبد الحي ورفاقه، وكانوا حريصين على رعاية حرثهم وتعهده، وهو أمر ليس بالهين، ونحسب أنهم كانوا مخلصين وصادقين فوفقهم الله.
إن نعمة أن ترى فلذات كبدك أئمة في الخير لهو دليل على النجاح والفلاح وبشرى خير عميم.
والنعمة الكبرى أن تجد محاضن تطمئن لها وتثق بها تحمل معك الراية وتسهم في صناعة وصياغة الأجيال للخروج ببلادنا وأمتنا من عنق الزجاجة.
كانت إحدى فقرات البرنامج المدهشه اختبار نبوغ الحافظ عبد الله عبد الحي، والذي وفقه الله لاستدعاء اسم السورة ورقمها بمجرد قراءتك للآية.
إن مثل هذا النبوغ إن لم يجد الرعاية والاهتمام سيخبو ويذوب، وما أحوج بلادنا للنوابغ والأماجد، وهذه رسالة نضعها في بريد الجهات المختصة من وزارة التربية والتعليم والشؤون الدينية والرعاية الاجتماعية والشباب وغيرها، فإن نجاح الأمة مرهون بنجاح أبنائها لإخراج جيل يملك البوصلة الصحيحة في زمن كثرت فيه الضوضاء وضاع فيه الاتجاه.
إننا مدينون لجماعة أنصار السنة المحمدية، هذه الجماعة التي ظلت تكرس كل جهدها لإصلاح الحياة عبر عودة الناس للتمسك بالكتاب والسنة ونبذ الشرك والخرافة واتباع سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وتزكية روح المجتمعات ورعاية النشء.
ظلت مساجدها ومعاهدها وكل مؤسساتها في السودان، المدن والقرى والفرقان، مفتوحة لنشر الخير والفضيلة، يقوم عليها رجال نذروا حياتهم لنصرة هذا الدين، يخططوا وينظموا البرامج والفعاليات طيلة أيام العام للصغار والشباب والكبار من الرجال والنساء، في وقت عز فيه النصير وتكاثفت وتكاثرت الصوارف والملهيات، فاصبحوا حائط الصد المنيع الذي يواجه أمواج الإفساد والتغريب، ومدافعة الباطل بالحق المبين.
إن جهود الجماعة في الإصلاح لم تتوقف، وتحرص على تطوير وتحديث أدواتها وأساليبها وبرامجها المتنوعة لتواكب متطلبات العصر وجيل الألفية، وبذلك نجحت في أن تصبح محضناً تربوياً يجذب طلاب الخير.
إن الألسن لتلهج بالشكر لله أولاً ثم لجماعة أنصار السنة المحمدية بولاية كسلا وأمينها أبو الهمام الشيخ الدكتور أحمد محمد طاهر وأركانه الميامين، وللآباء والأمهات الذين جعلوا هذا الخير سهلاً وممكنا.