بابنوسة.. المدينة الصامدة رغم الأوجاع والدماء والدموع
(سودانيون ميديا) ينقل نبض الحياة من بابنوسة
أين ذهب الأطباء.. ومن اين تاتي السلع الضرورية؟
بابنوسة: سودانيون ميديا
تبعد مدينة بانوسة بولاية غرب كردفان عن العاصمة الخرطوم بمسافة 697 كيلومتر، وتعد من المدن السودانية ذائعة الصيت لارتباطها بخط السكة الحديد حيث تعد محطة رئيسية يلتقي بها خط السكة الحديد القادم من جنوب السودان مدينة واو سابقا الذي تأسس في العام 1962م مع الخط المتجه نحو غرب السودان الى مدينة نيالا والذي اسس في العام 1959م، إضافة الى انها عرفت تأسيس اول مصنع لانتاج الالبان في بداية ستينيات القرن الماضي وهو الذي يعد الاول على مستوى الوطن العربي وافريقيا مما جعلها تنال شهرة كبيرة على مستوى السودان والمنطقة العربية والافريقية.
أما على لسان اهلها البقارة كانت ايقونة المدن والحواضر، فكم تغنوا لها وترنموا باسمها بابنوسة القميرة، فكانت تمثل لهم رصيدا من الذكريات ونفحة من الاشواق وملتقى المسارات والنشوق الحوض العامر والاسواق الضاجة بالحياة في باديتهم التي احبوها هكذا كانت الحياة فيها..
الحرب المفروضة
عايشت بابنوسة حرب الجنوب لاكثر من نصف قرن من الزمان او يزيد وهي الاقرب جغرافيا الى جنوب السودان وميادين الصراع ولكنها لم تتأثر كثيرا بل ظلت تحافظ على سمتها وايقاعها وتودع قوافل وقطارات الذاهبين الى واو دون ان تتخلى عن حيويتها او نشاطها رعويا كان او تجاريا.
ولكن مع حرب ابريل الحالية وجدت بابنوسة نفسها امام معارك فرضت عليها من اجل الاستسلام او الموت، قاومت فصبرت وصمدت رغم الاوجاع والدماء والدموع، كان الهدف اسقاط الفرقة 22 واجتياح المدينة كما حدث لبعض الفرق العسكرية ولكن قادة وجنود الفرقة وبعض المستنفرين من ابناء المدينة قرروا المواجهة والصمود فدارت المعارك وتكررت، تضررت المدينة لكنها ظلت صامدة..
(سودانيون ميديا) تابع الأوضاع من داخل المدينة لينقل بعض التفاصيل وكيف تسير الحياة الآن؟.
مدينة أشباح
وحسب المعلومات التي تحصلنا عليها ان المدينة الان اصبحت عبارة عن مدينة اشباح لا حياة ولا تفاعل ولا تواصل، الخراب والدمار هو العنوان الابرز الان. ويقول مصدر لـ(سودانيون ميديا) ان التواجد العسكري هو المشهد الابرز بالمدينة بعد ان غادرها قاطنوها بعد اشتداد المعارك بحثا عن النجاة حيث تفرقت بهم السبل بين القرى وبعض المدينة البعيدة.
من اين تاتي السلع؟
بعد حركة النزوح الكبيرة من بابنوسة تركزت حياة الناس في القرى المجاورة والتي تبعد قليلا من خط النار والتي ربما يتوفر بها امان نسبي فهي قرى خليط بين رعاة الابقار والزراع، ومع انعدام الحياة في بابنوسة وصعوبة التواصل مع بقية مدن الولاية بسبب الوضع الامني ظل الاعتماد في جلب السلع الضرورية على سوق النعام وهو سوق شعبي اسسه بعض السودانيين والجنوب سودانيين قبل سنوات بالقرب من ابيي حيث يستقبل السلع من مناطق مختلفة ويتم فيه بيع المواشي، وظلت قرى بابنوسة تعتمد عليه طوال الفترة الماضية ولكن مع ظروف الخريف وانقطاع الطرق اصبح الناس يعانون في الحصول على المواد الغذائية.
الوضع الصحي
توقف مستشفى بابنوسة الكبير ومراكزها الصحية وتفرق الاطباء بين البوادي والحضر منهم من يبحث عن الامان ومنهم من يبحث عن مصدر رزق جديد، وظل انسان محلية بابنوسة يعاني احيانا كثيرة ليجد طبيبا في احدى القرى، ولكن لا يتوفر الدواء، وصارت رحلة البحث عن العلاج ازمة حقيقية يعاني منها الناس، يقطع بعضهم المسافات للوصول إلى المجلد او الفولة والتي هي بالتأكيد ليست افضل حالا، ولكن الاعتماد الكلي اصبح على الاسواق المتنقلة حيث ياتي بعض الاطباء يقيمون عيادات مؤقتة لساعات وربما صاحب الحظ السعيد يجد فرصته لمقابلة طبيب او الحصول على جرعة دواء.
موقف الزراعة
رغم كثرة الامطار وتواصلها في كل السودان ولكن سجلت محلية بابنوسة غيابا ملحوظا عن موسم الزراعة بسبب الاوضاع الامنية وحالات النزوح حيث استطاع اهالي قرية كجيرة زراعة حقولهم المطرية اضافة لبعض مزارعي منطقة التبون.
حال الرعاة
في موسم الخريف تبدأ رحلة نشوق الرعاة وحركتهم عبر المسارات والمراعي ولكن هذه المرة تغيرت الاشياء وتبدلت الاحوال ففي الماضي كان الرعاة يتجمعون حول بابنوسة ويأخذون احتياجاتهم من سوقها ومن ثم يتنقلون ولكن هذه المرة مع غياب سوق بابنوسة وانعدام السلع لن يستطيع الناس الذهاب في رحلتهم الموسمية المعروفة فلا سوق بابنوسة حاضر ولا سوق الضليمة يستقبلهم، فقرر بعضهم الاستقرار حول سنيطاية وبعضهم البقاء حول القرى القريبة من بابنوسة.