سودانيون

نماء ابوشامة ..تكتب .. تعدد الوجوه أم تعدد القلوب؟

حين تتكاثر العلاقات وتغيب الراحة النفسية
في إحدى الجلسات النفسية، روت طبيبة عن حالة مريضة تعاني من ما يُعرف بمتلازمة “التعدد العاطفي”؛ فتاة ترتبط بعدة رجال في الوقت ذاته، تمنح كلاً منهم موقعًا خاصًا في قلبها، وتحافظ على حدود تلك العلاقات بمهارة، وكأنها تُدير أوركسترا من المشاعر.. لكنها رغم ذلك، لا تزال تبحث عن الاكتفاء الكامل، ولم تجد بعد الرجل الذي يمنحها شعور الراحة والاكتفاء..
هذا النوع من العلاقات لا يتعلق بالخيانة التقليدية، بل بتشتّت داخلي، وخلل في بوصلة الاحتياج العاطفي.. ليس تعدد الشركاء هنا ترفًا أو متعة، بل محاولة متكررة لملء فراغ ما..

التعددية العاطفية لم تعد حكرًا على الرجال.. في زمن الفردانية والسرعة، ظهرت نساء كثيرات يحملن أكثر من علاقة داخل قلوبهن، دون شعور بالذنب أحيانًا، بل بدعوى “الحرية” أو “الحق في التجربة”.

هذا الكلام ذكرني مقال قرأته ذات يوم للكاتبة نادين البدير بعنوان “أنا وأزواجي الأربعة”، طالبت فيه – في صيغة صادمة – بأن تنال المرأة حق التعدد كما الرجل.. تخطّت بذلك كل الخطوط الدينية والاجتماعية، وضربت بالتقاليد الإسلامية عرض الحائط، لتطرح رؤيتها عن “عدالة مزعومة”
لكن السؤال الأهم هنا ليس دينيًا فقط، بل نفسيًا:
هل نحن بحاجة فعلية لكل هذه العلاقات؟ أم أن تعدد العلاقات ما هو إلا دليل على غياب العلاقة الأهم: علاقتنا بأنفسنا؟
إن التعدد، سواء في الأزواج أو في القلوب، لا يُشبع القلب بل ينهكه.. الإنسان لا يبحث عن كثيرين ليحبهم، بل عن واحد يفهمه ويشعره بالاكتمال، واحد يرى داخله لا مظهره فقط..
قد يكون في التعدد لحظة متعة، لكن نادرًا ما يكون فيه طمأنينة..
والطمأنينة، كما نعرف، لا تعيش في الزحام.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.