يوسف عبد المنان يكتب: دانيال كودي يترجل من قيادة الحركة بعد سنوات طوال
درس قرنق اللغة العربية وتتلمذ على يد فيليب غبوش
في بادرة لم يسبقه عليها أحد غير إبراهيم الشيخ الذي افسح مقعد رئاسة حزب المؤتمر السوداني لنائبه عمر الدقير ولكنه احتفظ بنفوذه داخل الحزب ونال المنصب الوزاري باسمه ولكن الفريق دانيال كودي انجلو رئيس الحركة الشعبية تيار السلام فعلها أكثر من مرة أولها حينما تنازل أكثر من مرة عن مقعد تمثيل الحركة الشعبية في الحكومة منذ عهد الإنقاذ لتلميذه وابن رفيق دربه الطويل في دهاليز السياسة والتمرد والقتال والبرلمانات والمواقع والمناصب الراحل محمد شيخ الدين الذي أنجب (عمر) وفعلها الآن دانيال كودي انجلو وهو يترجل عن قيادة الحركة الشعبية وقد شارف عمره الخامسة والثمانون وألقى عصاه التي كان يتوكأ عليها ويهش بها الخصوم واتكأ على صخرة من جبال البحر الأحمر بدلا عن أن يتكئ على جبل في هيبان حيث مسقط رأسه ولكن الوصول إلى هيبان بات شاقا ومستحيلا وقد سدت الدروب من قبل المليشيا ومن الحلو حليفها في زواج الإكراه.
دانيال كودي انجلو من الرعيل الذي أسس اتحاد عام جبال النوبة ومن ثم تتلمذ على يد الأب فليب عباس غبوش في ستينيات القرن الماضي ومع ميلاد الحركة الشعبية كان دانيال كودي ومحمد شيخ الدين شارف وتلفون كوكو ابوجلحة ويوسف كره ثم يوسف كوه مكي هم من وضعوا لبنة النضال الأولى في الحركة الشعبية وكان قبلها يمثل دانيال كودي رمزية المعلم الثائر في تنظيم (الكملو) وهو تنظيم سري تم تكوينه في جبال النوبة في حقبة مايو وتم ترشيح دانيال كودي لمجلس الشعب القومي الذي دخله بدفع الشباب ودعم يوسف كوه مكي الذي كان نجما في مجلس الشعب الإقليمي بكردفان وترقى دانيال كودي في مجلس الشعب إلى منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب القومي تلك التجربة السياسية شكلت زاد له في الحركة الشعبية التي درس العسكرية وتخرج من أكبر كليات أديس أبابا العسكرية برتبة النقيب ليضع الطبشورة ويحمل البندقية وكان يدرس جون قرنق اللغة العربية التي يجيدها كودي كما يجيد الانجليزية ولغة هيبان ولغة العطورو وعربي البقارة وأسند إليه جون قرنق في عام 1993 منصب مدير مكتب الحركة الشعبية بالشرق الأوسط مقيما بالقاهرة وجسر الرجل العلاقة بين الحركة الشعبية والتجمع الوطني الديمقراطي وكان من المخططين لمؤتمر اسمرا للقرارات المصيرية وداخل جبال النوبة يمثل دانيال التيار القومي في الحركة الشعبية حتى توقيع اتفاقية السلام ولأن الرجل وفيا لما يتم الاتفاق عليه نشب بينه والقائد عبد العزيز الحلو خلافات عميقة كان بطلها ونافخ كيرها ومعد حطبها ياسر عرمان حتى وقعت حرب ستة ستة وأسس دانيال كودي وتابيتا بطرس شوكاي الحركة الشعبية تيار السلام وكان نصيب الحركة منصب وزير بجنوب كردفان ووزير دولة بالحكومة الاتحادية ولأن الرجل زاهد في المناصب ومسترخص الدنيا رشح تابيتا إلى المركز وعمر شيخ الدين إلى منصب الوزير بحكومة جنوب كردفان ونجحت تابيتا بطرس أيما نجاحا وجلس دانيال كودي يتأمل في الظل الممتد وقد شيد بيته في الدروشاب من قطاطي كأنه يستعيد شوقه لاكواخ النوبة على حواف الجبال وقد حدثني مرة عن أمنياته في بقية عمره بالعودة لهيبان وبناء بيته من فروع الأشجار ونبات الحريرة وتناول عصيدة الفتريتة الحمراء ومسيحية دانيال كودي لم تحل بينه والمسلمين حتى يصعب على من لا يعلم مسيحية دانيال أن في قلبه رحمة ورهبانية وهو يقول ربنا الله وبعد نشوب الحرب الحالية دفع دانيال كودي بالف من الجنود المقاتلين في صمت وبلا ضوضاء من أبناء جبال النوبة المقاتلين ولم يطالب الرجل بنصيب في السلطة ولا مال حتى وهو يعاني المرض وقد وهن الجسد وأوصى الأطباء بابتعاثه إلى خارج البلاد ولكن ضيق ذات اليد النظيفة غير الملوثة بالمال العام وقد تقلد الرجل منصب وزير الثروة الحيوانية وكان بمقدوره إصدار إعفاء لصادر إناث إبل يحصد من ملايين الدولارات ولكن دانيال يقيم في هدوء ببورتسودان وقد تنازل الآن لابن أخيه عمر شيخ الدين الذي عين في منصب العضو المنتدب لشركة الأسواق الحرة ولم يمض وقت طويل وفي مناخ الحرب وضع بصمته بحيوية الشباب وثراء تجربه وزير عمل مع احمد هارون وآدم الفكي ومفضل واللواء رشاد وجسر علاقة مع ابن عمه شمس الدين كباشي الذي وجد في عمر شيخ الدين همة وحيوية وهو الوحيد من بين كل قادة جنوب كردفان من الوزراء من يجمع الناس في بيته ويؤانس وحشتهم ويطعم الحاري ويهب لنجدة المنكوب وعلاج المريض ولهذه الصفات وربما لغيرها كان تقدير دانيال كودي بأنه جدير بقيادة الحركة الشعبية تيار السلام الذي ال إلى شيخ الدين بالرضا والتوافق العريض لخوض غمار السياسة في بلد بدأت تفقد أمثال دانيال كودي وهو طبعة أخيرة من كتاب رجال نحسبهم من الأخيار.