اليوم أغرِّد بعيداً عن شأننا الداخلي لأتناول الأحداث المتسارعة التي تشهدها الشقيقة سوريا منذ حوالي أسبوعين ، و ما يجري فيها و في بلادنا و ليبيا و اليمن و العراق مرتبط إرتباطاً وثيقاً بأجندة إعادة صياغة المنطقة كلها و صناعة ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد بما يخدم مصالح القوى (الإستع مارية) و يضمن أمن و تفوق ربيىبتها (دو لة الإح تلال) و للأسف فإن ذلك يتم بمشاركة مباشرة من قبل بعض دول الإقليم !!
بصورة مفاجئة و من غير مقدمات واضحة هبَّت فصائل المعارضة السورية من سباتها الذي استمر لعدة سنوات و في غضون عشرة أيام بسطت هذه الفصائل سيطرتها على مدينة (إدلب) و ريفها ثم على أجزاء واسعة من (حلب) ثاني أكبر مدن سوريا بعد دمشق و المركز الصناعي الأول فيها و بسطت سيطرتها على أريافها ثم تقدمت نحو (حماة) و أحكمت قبضتها عليها و على بعض المناطق في الجنوب و على الحدود مع الأردن و منذ أمس الجمعة 6 ديسمبر تسعى إلى بسط سيطرتها على مدينة (حمص) و ربما يحدث ذلك خلال ساعات ، و يبدو أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد سقوط نظام بشار الأسد الذي حكم البلاد منذ إندلاع الثورة السورية في شهر مارس من العام 2011 بسياسة الحديد و النار الأمر الذي أدى إلى مق تل ما يقارب خمسمائة ألف ، و إص ابة أكثر من إثنين مليون بعضهم بإع اقة دائمة ، و تش ريد و تهجي ر أكثر من ثلاثة عشر مليون مستعيناً بروسيا و إيران و حزب الله اللبناني و بعض الفصائل الشيعية العراقية !!
كل المؤشرات تؤكد قرب سقوط النظام السوري و بالتالي دخول البلاد في مرحلة جديدة يصعب التنبؤ بمآلاتها حيث أن التدخلات الخارجية الكثيفة و صراع الأجندة و تقاطع المصالح هي سيدة الموقف !!
نظام بشار الأسد الذي سار على درب والده في التن كيل و الق مع و القت ل للمعارضين يستحق السقوط لكن كنا نتمنى أن يتم ذلك بأيدي السوريين و بعيداً عن خدمة أجندة دول أخرى !!
عملية إسقاط النظام السوري التي تجري فصولها الآن يبدو أنها تمت بإتفاق الأطراف المختلفة ذات المصالح و الأجندة في سوريا حتى لو لم يتم ذلك الإتفاق على طاولة مفاوضات مباشرة و هي :
١/ الشعب السوري الذي دفع فاتورة عالية قت لاً و ق معاً و تهج يراً على مدى ثلاثة عشر سنة بسبب ثورته و مطالبته بالحرية و العدالة و تمثله في هذه الصفقة فصائل المعارضة المق اتلة .
٢/ دولة ا ل ك. ي ا ن التي تريد أن تضمن أمنها من خلال إضعاف دول الطوق و محور المق اومة خاصة و أن سوريا ظلت لسنوات طويلة تمثل الداعم الأكبر للمق اومة في لبنان و ف ل س ط ي ن ، و هي أيضاً تمثل المعبر الأفضل و الأسهل لوصول الدعم الإي. راني لحز. ب الله بسقوط النظام السوري فإن دولة الإحتلال تكون قد أكملت الحصار على حزب الله الذي وقَّع معها قبل أيام إتفاق لوقف الحر. ب لتتفرغ بعد ذلك للم. ق اومة الفل سطي نية .
٣/ تركيا الجارة الشمالية لسوريا و التي استقبلت أكبر عدد من اللاجئين السوريين (3.5 مليون) و احتضنت كذلك بعض فصائل المعارضة الم قات ل ة الأمر الذي مثل لها ضغطاً إقتصادياً و اجتماعياً هائلاً و أدى إلى تنامي النزعة القومية ضد الأجانب و في مقدمتهم السوريين ، و قد شرعت تركيا بالفعل و منذ إطلاق عملية (غصن الزيتون) في العام 2018 في الترتيب لإعادة توطين اللاجئين داخل أراضي بلدهم في المناطق الحدودية ، و في العام 2022 أعادت حوالي مليون لاجئ بعد أن هيأت لهم حداً معقولاً للعيش الكريم .
إذن فإن الفائدة الأولى من سقوط نظام الأسد هي إعادة اللاجئين و التخلص من أعبائهم الإقتصادية و الإجتماعية ، و الفائدة الثانية و هي الأهم تتمثل في تمكنها من استعادة (لواء إسكندرونة) بعد انتهاء (إتفاقية لوزان) الموقعة بينها و الحلفاء في العام 1923 و بالتأكيد فإن ذلك سيكون أسهل بعد سقوط نظام بشار الأسد .
٤/ روسيا التي تحملت العبء الأكبر في الدفاع عن نظام بشار و حمايته من السقوط التي كادت أن تكتمل في السنوات الأولى للثورة لولا تدخلها العسكري المباشر ، فروسيا التي تخوض ح رباً شرسة ضد حلف الناتو منذ عدة سنوات في أوكرانيا يبدو أنها تريد التخلص من أعبائها لتتفرغ لمع ركتها المباشرة التي باتت تهددها بصورة أكبر بعد دعم الولايات المتحدة و أوروبا لأوكرانيا بأس لحة نوعية و استراتيجية ، و يبدو أن تفاهمات قد تمت بينها و بقية الأطراف و في مقدمتهم فصائل المعارضة و تركيا للحفاظ على مصالحها و (قواعدها العسكرية) في سوريا ما بعد الأسد .
٥/ إيران و التي دفعت هي الأخرى أيضاً ثمناً باهظاً مقابل حمايتها لنظام بشار و دعم المقاومة اللبنانية و الفلسطينية يبدو أنها و منذ إغت يال إس ماع يل هن ية رئيس ح ركة ح م ا س على أرضها و اغت ي ال حليفها القوي ح س ن ن ص ر الله في عمليات إست خبارية دقيقة تشير بعض المعلومات أنها تمت بتنسيق مع بعض الأطراف الإي راني ة سعت إلى إبرام صفقة مع الغرب ربما كان أحد شروطها أن توقف دعمها لنظام الأسد و المقاومة .