الخرطوم: رندة بخاري
أغنياته شكلت وجداننا عاطفيا ووطنيا، عُرف وسط زملائه المطربين بانتقائه لجميل المفردات، انطلاقة مشواره الفني كانت في العام 1957م واعتلى يومها خشبة المسرح ليغني للعمال في عيدهم، إنه الفنان حمد الريح الذي فجع جمهوره برحيله في الأول من ديسمبر من العام 2020م.
بروز قدراته في الغناء
صرخة ميلاد الفنان حمد الريح كانت العام 1940م في جزيرة توتي التي تتوسط مقرن النيلين الأزرق والأبيض بالعاصمة السودانية الخرطوم.
نشأ وسط أسرة تمتهن الزراعة بحقول تلك الجزيرة وبدأ تعليمه في المدارس القرآنية بالجزيرة ثم التحق بالمدارس النظامية حتى المرحلة المتوسطة.
وفي تلك الفترة برزت قدراته في الغناء خاصة في صفوف المدرسة حيث كان يؤدي الأناشيد المدرسية، مثل نشيد «صه يا كنار» للشاعر السوداني محمود أبوبكر و«عصفورتان في الحجاز حلتا على فنن» للشاعر المصري أحمد شوقي.
واقترن فنه بهواية أخرى هي الرياضة حيث اشتهر بلعبة كرة القدم في المدرسة وتأهل فيها ليلعب بفريق أشبال المريخ في نهاية خمسينيات القرن الماضي مع لاعبين أصبحوا كبارا فيما بعد مثل عز الدين الدحيش وعلي قاقرين.
الشاعر إسحق الحلنقي: حمد فنان استثنائي أغنية حمام الوادي وصلت اليه عن طريق صديق
مدارس شعرية متنوعة
مسيرة الفنان الراحل حمد الريح الغنائية ذات مدارس شعرية متنوعة إذ كون ثنائيات غنائية مع عدد من الشعراء منهم عبد الرحمن مكاوي صاحب السهم الوافر في مشوار الريح، بيد ان ثمة اغنيات نجدها لازمت تجربته منها اغنية حمام الوادي للشاعر إسحق الحلنقي الذي قال عن حمد رحمة الله عليه إنه فنان استثنائي وأغنية حمام الوادي وصلت اليه عن طريق صديق اسمه نصر الدين كان صاحب شركة إنتاج فني، إذ كان يقوم بتسجيل الأسطوانات لكبار الفنانين مثل وردي وعثمان حسين وغيرهم وطلب منه أن يقدم له هذه الاغنية التي قال إنها تشبه حمد.
وأضاف الحلنقي: وقد كان، وذات مساء ذهبت الى دار اتحاد الفنانين بالموردة ووجدت الفنان حمد الريح يجري بروفة للأغنية التي لحنها له ناجي القدسي وأضفى حمد بصوته بعدا جماليا آخر للأغنية التي كلما استمعت اليها اشعر وكأنني كتبتها بالأمس وتوالى التعاون الفني بيننا وقدمت له اغنية شالوا الكلام وشهر شهرين ثلاثة وبرحيله فقدت الساحة الفنية أحد أهم المطربين.
الفنان عبد القادر سالم: حمد رفيق الأيام الجميلة وغنى في (خطوبتي)
استضافة في توتي
ثمة علاقة جمعت الفنان حمد الريح مع الفنان عبد القادر سالم الذي التقاه في السبعينيات وهو لازال يتلمس طريقا نحو الفن، ويقول سالم: عندما جئت الى الخرطوم في بداياتي لأدرس في معهد الموسيقى استضافني حمد بمنزله بضاحية توتي لستة اشهر وكانت من اجمل ايام حياتي وقد لا يعلم البعض انه تغنى في خطوبتي وهو رفيق الأيام الجميلة سافرنا معا في عدد من الرحلات الداخلية والخارجية فكان رجلا متواضعا يحبه الجميع كما كان رئيسا لدورتين لاتحاد الفنانين.
ولازال الفنان عبد القادر حزينا لانه لم يشيع حمد رحمه الله عليه الى مثواه الاخير.
الجمع بين العاطفي والوطني
الناقد الفني مصعب الصاوي دفعنا اليه بسؤال عن تجربة الفنان الراحل حمد الريح الفنية فقال لنا: حمد من طينة كبار الفنانين استطاع عبر مشواره ان يجذب شعراء كبار الى سوح الغناء وكون ثنائية مع الشاعر عبد الرحمن مكاوي، وبالرغم من انه ملحن مجيد الا انه تعامل مع ملحنين اخرين مثل ناجي القدسي وود الحاوي، وحمد جمع بين الغناء العاطفي والوطني وكثيرين يقولون إن أغنية حمام الوادي هي أغنية وطنية مرمزة وكذلك أغنية الساقية لسه مدورة، وأكثر ما ميز تجربته أيضا غناؤه باللغة العربية الفصحى مثل مريا وصغيرتي وغنى أيضا للشاعر ابو القاسم الشابي.
ترس البحر
وأضاف الصاوي: الفنان حمد الريح عمل موظفا في جامعة الخرطوم منارة العلم والثقافة وفيها التقى بشعراء، وقد لا يعلم البعض ان حمد تأثر في بداياته بالفنان خضر بشير الذي كان يأتي كثيرا الى ضاحية توتي، وتأثر ايضا بالفنانين التاج مصطفى وعبد الدافع عثمان، وكما لابد من الاشارة الى ان اغنيته عجبوني الليلة جو تعتبر من أشهر الاغنيات التي لازمت مسيرته وعبارة الترس التي استخدمت بقوة في ثورة ديسمبر المجيدة هو رددها قبل سنوات طوال لدرء آثار السيول والفيضانات التي تجتاح توتي في فصل الخريف، وحمد تجاوزت أغنياته المسجلة المائة أغنية.