دار السلام علي تكتب: هوس السوشيال ميديا!!
جرأة قلم
دار السلام علي
هوس السوشيال ميديا!!
قبل أيام ضجت الاسافير بمقطع فيديو لطفل يسمى رامي ومعه فتاة صغيرة، حيث يظهر في الفيديو حديث مشترك بين والدة الصغيرة والتي تسألها عن رامي الصغير لتجيب الصغيرة أنه (قمري ولا استطيع العيش بدونه)!! في أسلوب يظهر جلياً أن الصغيرة خضعت لتدريب من قبل والدتها أو أسرتها ولو حتى في سبيل القفشات واستجلاب التعليقات واللايكات أي اقحمت الصغيرة في شأن لا يخصها ولا تفقه شيئا عنه إلا وهو اشراكها في محتوى إعلامي دون أي تفهم القصد ودون ادنى اكتراث من والدتها بما قد ينعكس سلباً على هذه الصغيرة في مستقبل طفولتها وما بعده ودون دراية بحقوق الطفل.
إليك يا والدة الصغيرة الجميلة قانون الطفل السوداني لسنة 2010م والذي أفاد في الفصل الثاني بأن تكون واجبات الوالدين والأسرة حماية الطفل ومصالحه الأولوية في كافة القرارات المتعلقة بالطفولة أو الأسرة أو البيئة (وهنا يجب مراعاة مصلحة الطفل.. ومن مصلحته عدم اقحامه في شأن لا يخصه ويمكن أن يكون سبباً مباشر أو غير مباشر في عدم احترامه وتمييزه بين المجتمع أو بين أقرانه)!!.
وكذلك يكفل القانون للطفل الحق في التعبير عن آرائه ورغباته بكل حرية وإشراكه فعلياً في الإجراءات القضائية أو الإدارية أو الاجتماعية أو التربوية الخاصة وفقاً لسن الطفل ودرجة نضجه، ويضمن هذا القانون حماية الطفل ذكراً أو أنثى مـن جميع أنواع وأشكال العنف أو الضرر أو المعاملة غير الإنسانية أو الإساءة البدنية أو المعنوية أو الجنسية أو الإهمال أوالاستغلال (سؤال لوالدة الصغيرة هل فكرتي قبل تصوير الفيديو ما سيحدث لطفلتك من ألسنة المجتمع ومن ألسنة الصغار مثلها)!!
وكذلك تقع على عاتق الوالدين المسؤولية الأولى فى تربية الطفل وعلى توفير المساعدة الملائمة للأسرة وتنمية الطفولة ورعايتها وإلتزام دينى وانساني ووطني وقومي. وهنا هل سألت نفسك عن محتوى الفيديو وهل يناسب تفاصيل ديننا الحنيف.. (الدين لا يسمح بمثل هذه المنشورات والمواد المصورة التي لها ما قبلها وبعدها)!.
كذلك يشير القانون إلى ضرورة إشباع حاجات الطفل الثقافية من آداب وفنون ومعرفة ومعلومات مجتمعه وتوسيع مداركه بالتعرف على التراث الإنساني والتقدم العلمي (هل المجتمع يسمح بمحتوى الفيديو حتى وان كان بريئاً وهل قبل التصوير اخبرتيها عن عادات وتقاليد المجتمع وعن الدين الإسلامي)؟!!!
اليك نقطة مهمة جدا أدرجت في القانون وهي حظر نشر المصـنفات الفنيـة والتصوير أو حيازة أي مطبوعات مرئية أو مسموعة خاصة بالطفل تخاطب غرائزه الـدنيا، أو تـزين لـه السـلوكيات أو عرض أو تداول مواد مخالفة لقيم المجتمع وتقاليده.. فقد خطت بعض الدول المتطورة والحديثة إلى شرع قانون لضبط نشر صور الأطفال على الإنترنت (استوعتبت ما فعلتيه؟!!).
إليك الأهم في الفصل الثانى عشر القانون اعطى حق التبليغ عن إهدار حق الرعاية من أبوي أي طفل أو ولى أمـره، وأن يقوم بنصحه بالواجب عليه وإن أصر على عدم الاستجابة أن يبلغ ذلك لأقرب سلطة رسمية، وكل من يخالف مواد وأحكام هذا القانون يعاقب بالسجن والغرامة على حسب المخالفة! والله جد.
ويؤكد علماء النفس أن السوشيال ميديا تؤثر بشكل مباشر على صحة أطفالنا وتؤدي إلى الميل إلى العدوانية والعنف سواء بغرض التقليد أو التعبير عن مشاعر تتولّد نتيجة المحتوى السيئ والتفكير بأمور جنسية لا تناسب عمر الطفل وكذلك التعرض لمحتوى يضرّ بالعقل والدين والقيم، خاصة أن الطفل لم يبلغ بعد مرحلة يميز فيها الجيد من الخبيث وانحرافات سلوكية مختلفة.
وتؤدي كذلك إلى أعراض انسحابية مثل العزلة أو الاكتئاب أو الخوف من الناس وانخفاض تقدير الذات نتيجة المقارنات.. فهوس الأطفال بالألعاب الالكترونية يمكن أن يكون مفتاحاً للأمراض النفسية ويمكن أن يدمن الطفل الهاتف لدرجة تؤدي به إلى العزلة عن المجتمع، والتعرض لمشاهد إباحية، مما يجعل الطفل يعتقد أن هذه الأمور طبيعية وقد يتقبلها مستقبلا أو يقدم على ممارستها.
وهذا لا يعني أن نبعد تطور العالم عن الطفل ولكن ينبغي اختيار ما يتناسب مع عمر الطفل مثلا تقديم برامج وأفلام وكارتون تناسب أعمارهم ومشاهدة محتوى يقدم لهم معلومات مفيدة وتنمية بعض المهارات المعرفية والعلمية، واتمنى عدم إشراك الاطفال في اي مواد مصورة يمكن أن تعرض حياتهم ومستقبلهم للخطر أو تدعو للتنمر أو الإساءة أو أي شكل من أشكال تهديد حياة الطفل.
هذه المواد المصورة حتى وان كانت دون قصد فيمكن أن تربي في الطفل أشياء نحن في غنى عنها مثلاً اقلها الغرور والغيرة فالطفل يجد نفسه أصبح مشهورا بين ليلة وضحاها مما يغرس داخله سلوك وقيم ومبادئ يصعب تغييرها عندما يكبر.
جرأة أخيرة:
إلى والدة الطفلة الصغيرة تأكدي أن كلامي هذا ليس تنمرا عليك أو تعاليا ولكن وددت أن تعم الفائدة على الجميع وكان لابد من الإشارة إلى الفيديو الخاص بالصغيرة لانه كان ترند.
[…] دار السلام علي […]