دار السلام علي تكتب.. جرأة قلم: صمت العالم!!
جرأة قلم
دار السلام علي
صمت العالم!!
رغم الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها الشعب السوداني وما يحدث من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والأطفال والنساء بصورة خاصة من اغتصابات وزواج للقاصرات بصورة قسرية تحت تهديد السلاح والترويع والتخويف وعمليات الاسترقاق وحرمانهم من الحياة الآمنة والتعليم وحتى من الابتسام، رغم ذلك كله يظل سكوت العالم أجمع هو سيد الموقف، وبات الجميع يغض الطرف عمّا يحدث في السودان وحتى المنظمات العالمية التي تعنى بحقوق الإنسان وحريات الطفل والمرأة ظلت صامتة وفعلت وضع (أضان الحامل طرشا)!!..
فكثير جداً من النساء والفتيات تعرضن للعنف الجنسي على يد مقاتلين من المليشيا، فمنذ منتصف أبريل 2023م انتشرت جرائم اغتصاب النساء والطفلات الصغيرات، بل هناك قصص وروايات كثيرة يشيب شعر الرأس من هولها من بعض الناجين من الحرب وويلاتها في بعض المناطق.. عائلات قتلوا واغتصبوا أمام أعين ذويهم في أصعب المواقف التي يمكن أن يتعرض لها أي إنسان، أن تغتصب ابنتك أو زوجتك أمام عينيك ولا تستطيع فعل شئ، وكثير جداً من الرجال السودانيين قُتلوا أثناء الدفاع عن عرضهم!. تتعرض النساء لعمليات خطف واغتصاب أثناء بحثهن عن أماكن آمنة ويصبحن هدفاً لضعاف النفوس من الذئاب البشرية ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎطﻖ اﻟﻣﺗﺿرّرة ﻣن اﻟﻧزاع، ويتم خطف الفتيات الصغيرات وبيعهن في أسواق العبيد في دول مجاورة للسودان وكأننا عدنا إلى زمن الجاهلية الأولى، هذا غير عمليات (التزاوج المشترك) فقبل فترة انتشر مقطع فيديو صادم جداً لفتاة صغيرة في السن تزوجها اثنان من أفراد مليشيا الدعم السريع وسط زغاريد الأهل وإطلاق الرصاص من معازيم العريسين اللذين يتبعان للمليشيا، وللأسف هذه ليست الحادثة الأولى فقد أكد لي بعض الأصدقاء أن في ولاية الخرطوم تزوج ثلاثة من أفراد المليشيا بفتاة صغيرة بعد أن دفع كل واحد منها جزء من المال (سد المال) وجلب الذهب (المسروق طبعاً) وتزوجوا الفتاة، نعم ثلاثة رجال بالغين تزوجوا فتاة صغيرة في السن قد لا تفقه شيئاً عن ما هو الزواج أصلا في ظل سكوت الأسر المهددة سلفاً بالسلاح.
وبالرغم من ارتفاع حصيلة العنف الجنسي من قبل مليشيا الدعم السريع في كل المناطق التي استباحوها إلا أن أنظار العالم عميت عما يحدث في السودان، فمثلاً بحسب مفوضية حقوق الإنسان الأممية التي نسبت 70% من حوادث العنف الجنسي المؤكدة لمقاتلين يرتدون زي قوات الدعم السريع ومعظم الحالات موثقة من قبل المليشيا في أسوأ اعتراف بالذنب والجهل وبالرغم من ذلك تنكر قيادات المليشيا ما يحدث من جنودها (الأغبياء)، فقبل فترة قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية إن بعض الجماعات التي تدافع عن حقوق الإنسان اتهمت بشكل موثوق عناصر من قوات الدعم السريع بارتكاب عمليات اغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي في دارفور ونددت واشنطن وقتها بشدة بأعمال العنف المروعة في السودان واكدت موثوقية التقارير عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها قوات الدعم السريع.
وبلغت الانتهاكات ضد النساء والفتيات مرحلة الاسترقاق الجنسي واختطافهن من مناطق النزاع بالخرطوم واقتيادهن قسراً لأماكن مُختلفة داخل وخارج البلاد ويتم عرضهن للبيع وكأنهن سلعة رخيصة أو يتم المطالبة بسداد فدية بمبالغ كبيرة لفك أسرهن، وبالرغم من أن الاسترقاق الجنسي يصنف من الجرائم ضد الإنسانية المجرمة دولياً وبالرغم من وجود الأدلة الجنائية المتمثلة في فيديوهات حية لهذه الجريمة إلا أن ذلك أيضاً لم يحرك ساكن المجتمع الدولي الذي ظل في كل مرة يعبر فقط عن قلقه ولكن لا شئ بعد هذا القلق الذي سرعان ما يزول، ومنذ إطلاق أول رصاصة في السودان والنساء يدفعن الفواتير الباهظة للصراع.
لذلك نناشد وحدة مكافحة العنف بوزارة التنمية الإجتماعية والمنظمات العاملة في مجال المرأة والطفل داخل وخارج السودان، ومكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان واليونيسف وهيئة الأمم المتحدة للمرأة ومنظمة الصحة العالمية بضرورة محاسبة الجناة وتقديمهم للمحاكمة العاجلة بما فعلوه في نساء بلادي والمطالبة بعدم استخدام النساء كدروع جسدية وإقحامهمن في النزاع وعدم استخدام اﻟﻌﻧف الجنسي كوسيلة في الحرب لترويع النساء والأطفال، ويجب إجراء تحقيقات ﻋﺎﺟﻠﺔ ﺑشأن ﺟميع الانتهاكات اﻟﺟﺳﯾﻣﺔ التي تعرضت لها نساء السودان والأطفال وﻣﺣﺎﺳﺑﺔ اﻟﺟﻧﺎة فوراً.
جرأة أخيرة
في بلادي لم تغتصب النساء وحدهن بل اغتصبت الأرض واغتصبت ضمائر الفاعلين والمتعاوين والمخذلين.. اغتصبت حرائر السنابل ومياه الجروف ولكن شرفاً يدافع عنه جيشنا وحتماً سينتصر.