كامل إدريس،، إعادة ضبط المصنع..
مصادر مطلعة كشفت عن اتجاه لمراجعة الأداء التنفيذي وإجراء تعديلات،،
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
كشفت مصادر سياسية مطّلعة عن اتجاه رئيس الوزراء دكتور كامل إدريس إلى إجراء تعديلات واسعة على حكومة الأمل خلال الأيام القليلة المقبلة، وذلك بعد مرور أكثر من 120 يوماً على إعلان حكومته التي بدأ تشكيلها في 19 يونيو 2025م واستكمل تسمية وزرائها تباعاً، وكان إدريس قد أكد أن أداء جميع الوزراء سيكون قيد التقييم لمدة ثلاثة أشهر، على أن يُبقي فقط على مَن يحققون نسبة إنجاز لا تقل عن 80%ويأتي هذا الحراك السياسي في وقت تتزايد فيه التحديات الداخلية والخارجية، وسط ترحيب من بعض الدوائر الشعبية الداعية إلى تجديد دماء الحكومة التي تواجه امتحان الحرب وما راكمته من أزمات خانقة.
رئيس الوزراء أكد أن أداء الوزراء سيكون قيد التقييم لمدة ثلاثة أشهر..
واقع الحرب القاسي:
ومنذ تشكيلها، وجدت حكومة الأمل نفسها في مواجهة واقع شديد التعقيد فرضته الحرب المستمرة منذ منتصف أبريل 2023م، وما نتج عنها من تداعيات اقتصادية ثقيلة شملت الانهيار الكبير في قيمة العملة الوطنية، وتراجع القوة الشرائية، وارتفاع تكاليف المعيشة بصورة غير مسبوقة، إلى جانب التدهور الحاد في الخدمات الأساسية، ورغم محاولات رئيس الوزراء الدفع بخطط إنعاش اقتصادي وإعادة ترتيب الأولويات، إلا أن الحكومة واجهت انتقادات واسعة لعدم تمكنها من الاستجابة لتطلعات المواطنين في تخفيف الضائقة المعيشية أو وقف التدهور الاقتصادي، ويؤكد مراقبون أن أي تعديل وزاري مرتقب يُنظر إليه كخطوة لإعادة ضبط الأداء التنفيذي وتحسين فاعلية الحكومة في مواجهة التحديات الوطنية.
تقييم صارم لأداء الوزارات بالاعتماد على مؤشرات أداء محددة..
وزراء وولاة:
وبحسب مصادر الكرامة الرفيعة، فإن التعديلات المرتقبة تأتي استناداً إلى عملية تقييم صارمة اعتمدت على مؤشرات أداء محددة، ومن المتوقع أن تطال عدداً من الوزارات السيادية والاقتصادية والخدمية، كما ستشمل التعديلات استكمال الشواغر التي لا تزال قائمة في بعض مناصب وزراء الدولة منذ إعلان حكومة الأمل، خاصة في وزارة الخارجية والتعاون الدولي ووزارة الثروة الحيوانية والسمكية، إلى جانب وزارات أخرى يرى مراقبون أن أداءها خلال الفترة الماضية كشف عن حاجة فعلية لإضافة وزير دولة لدعمها، وأكدت المصادر أن يد التعديلات ستمتد كذلك لتُحدث تغييرات تشمل عدداً من ولاة الولايات، إما بسبب ضعف الأداء، أو لظروف خاصة بينها اعتلالات صحية حالت دون قيام بعضهم بمهامه على الوجه الأكمل.
مراجعات تطال وزارات اقتصادية وخدمية، وتستكمل وزراء الدولة..
تفعيل الخدمة المدنية:
ويؤكد السفير نادر فتح العليم الخبير في العلاقات الدولية وفض النزاعات، على أهمية إحداث تغييرات في حكومة الأمل من أجل ضخ كوادر أكثر فعالية وقدرة على إدارة الملفات الحيوية التي تواجه البلاد في هذا الظرف الاستثنائي، وشدد السفير فتح العليم في إفادته للكرامة على ضرورة إعادة تفعيل الخدمة المدنية باعتبارها العمود الفقري لأي حكومة مدنية ناجحة، مؤكداً أن الخبرة التراكمية التي تملكها الخدمة المدنية في التخطيط وصناعة المشروعات يجب أن توظَّف من خلال طرح كل وزارة لمشروعات جاهزة للتمويل الإقليمي والدولي (Bankable Projects)مبيناً أن وجود مشروعات جاهزة يعزز من قدرة الحكومة على جذب التمويل الدولي والإقليمي، ويمنح مجلس الوزراء أرضية قوية لوضع خارطة طريق واضحة لإعادة الإعمار، مشيراً إلى أن التواصل مع المؤسسات المانحة بمقترحات مكتملة يعجّل بإجراءات الموافقة وضخ التمويل في خزينة الدولة، ونوّه السفير فتح العليم بأن السودان مقبل على برنامج ضخم لإعادة الإعمار بعد الحرب، وهو ملف يحظى بتعاطف واسع من مؤسسات التمويل الدولية، ما يوجب الاستعداد بخطط محكمة وكفاءات قادرة على التنفيذ.
السفير نادر: لابد من ضخ كوادر فاعلة وقادرة على إدارة الملفات الحيوية..
خطاب سياسي موحد:
وفي الجوانب السياسية أكد السفير نادر فتح العليم الخبير في العلاقات الدولية وفض النزاعات أن السودان بحاجة إلى خطاب سياسي موحد يستند إلى القانون الدولي ويركز على الجرائم ضد المدنيين والتحركات عبر الحدود، مشيراً إلى أن تصنيف ميليشيا الدعم السريع والميليشيات التابعة كجماعات إرهابية أصبح ضرورة استراتيجية لحماية السودان وتأمين محيطه الإقليمي، مشدداً على أن النجاحات الأخيرة للدبلوماسية السودانية في التواصل مع الدول العربية والإفريقية يجب أن تُستثمر بصورة أكبر لكسب دعم سياسي واسع لقضية السودان العادلة، وأكد السفير فتح العليم أن السودان، رغم المحن، لا يزال يمتلك أوراق قوة مهمة أبرزها وحدة شعبه، واصطفافه خلف قواته المسلحة ورفضه القاطع لأي مشاريع تفكيك، منوهاً إلى المنبر السعودي-الأمريكي في جدة والذي قال إن السودان يعوّل عليه كثيراً، منادياً بضرورة تطوير الآلية لتضم دولاً فاعلة مثل مصر، وقطر، وتركيا، بما يعزز فرص الحل الشامل ويغلق منافذ الدعم عن المليشيا، مبيناً أن الإمارات، التي وُجهت لها اتهامات من جهات متعددة بدعم الميليشيا، أصبحت الآن تحت ضغط دولي وشعبي متزايد، ومن المرجح أن تعيد النظر في مواقفها قريباً.
أهمية توحيد الخطاب السياسي، وتفعيل الخدمة المدنية، وطرح المشروعات الممولة..
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر، فإن المعطيات تؤكد أن التعديل المرتقب في حكومة الأمل، يتجاوز كونه خطوة إدارية روتينية، ليشكل نقطة تحول مفصلية في الأداء التنفيذي للحكومة التي تواجه اختباراً وجودياً في ظل حرب متمددة، واقتصاد متهاوٍ وانتقادات شعبية متراكمة، فإذا نجح دكتور كامل إدريس في اختيار عناصر أكثر قدرة على مواجهة التحديات، وتعزيز المسار الدبلوماسي الموازي، فقد يشكل ذلك بداية لمرحلة أكثر تماسكا في إدارة الدولة، وأما إذا بقي الأداء على وتيرته السابقة، فستواجه الحكومة مأزقاً سياسياً حقيقياً يهدد قدرتها على قيادة البلاد نحو الاستقرار والتنمية والازدهار.
* نقلاً عن صحيفة (الكرامة)