هناك جسمٌ في القوات المسلحة مسؤول عن تأمين المعلومات والوثائق وكان يقوم بدوره هذا على أكمل وجهٍ فلا تجد ورق الجيش ولا (كشوفاته) أو تنقلاته وإحالات ضباطه تطوف (المجالس) ويسير بها الركبان كما لن تجدها في (ساندويتش طعمية) ابتعته من لذيذ.. مع ثورة الاتصالات وتكنلوجيا المعلومات وامتلاك الناس (بلا استثناء) وهذه ضع تحتها (عشر خطوط) هاتفاً ذكياً أصبحت مسألة تأمين المعلومات الخاصة بالجيش خاصةً الكشوفات أكثر صعوبة لتجد هذه الكشوفات تطوف الواتسابات (قروبات ووحداناً) .. حل هذه المشكلة غاية في البساطة وتتلخّص في (منع وتحريم) دخول الهواتف الذكية مباني رئاسة الأركان ووزارة الدفاع وبقية الأبراج مطلقاً وهذا سينعش سوق (الهواتف الغبية) على الأقل ويحجم من تسرب المعلومات.. هذا الإجراء من شأنه أن يمنع تماماً تصوير الكشوفات والذي قد يتم بين عسكريين فقط حيث ترسل الرسائل من شاكلة (يا دفعة رسل لينا الكشف) فيصل الكشف في ثوانٍ لكنه يظل (يدور ويلف) على الجميع عسكريين ومدنيين وأعداء ومتربصين داخلياً وخارجيا بلا استثناء
في دولة مثل يوغندا التي كانت جواراً مباشراً ثم صار بيننا وبينها جنوب السودان المنفصل لا تجد مثل هذه الفوضى ولا يهتم اليوغنديون كثيراً بتغييرات رئاسة الأركان ولا تنقلات الضباط ولا تقاعدهم.. هذا ينشر في الصحف اليومية وفي الصفحة الأولى (كخبر فقط) فهي قناة المدنيين لأخبار الجيش إلى جانب الإذاعة والتلفزيون الرسميين.. هل سمعتم في مصر الكنانة القريبة أن واحداً من اهتمامات المصريين معرفة من هو قائد الجيش الأول أو الثاني ومن هو رئيس الأركان أو النائب إدارة أو عمليات؟ أو حتى قائد الدروع والفرقة الخامسة والثالثة؟ وقس على ذلك كل دول العالم بلا استثناء حتى (أحدث دولة) في العالم لا تجد فيها هذا (الخمج والخرمجة) واختلاط (الحابل بالنابل) وانعدام (سقوفات) وصول المعلومات والاهتمام بها ثم الحديث المفتوح حتى السماء بلا خطوط (حُمر) ولا حدود من (أي لون آخر)
أما الحديث عن الجيش (والتجروء) عليه (تجريحاً وقدحاً وتخويناً) وبأسماء الضباط أو تحت رتب معينة أنهم (حزبيون) يتبعون حزب كذا فهذا أيضاً لا يوجد إلا في هذه الجمهورية (المتفردة) في الفوضى الأمنية والسياسية.. وعوداً لمصر فعند قيام ثورة 25 يناير لم يكن هناك من يقول بأن الجيش جيش (الحزب الوطني) ويجب تطهيره من كوادر الرئيس حسني مبارك علماً أن من كانوا يتسيّدون المشهد هم الإخوان المسلمون الذي اكتسحوا الانتخابات في كل المستويات بما فيها رئاسة الجمهورية ولم يعينوا لجنة (حرامية) كلجنة وجدي صالح لتفكيك النظام وسرقة الأموال (المفككة).. ولم نسمع في ندوة عامة أو خاصة ولا حوار تلفزيوني ولا تصريح صحفي يقول بأن الجيش المصري (مؤدلج) ومجيّر لصالح (العلمانية) ونظام مبارك الذي حكم ثلاثينية الرئيس البشير.. كل المصريون يعلمون أن هذا الجيش جيش الشعب المصري وبالتالي حتى الحديث من باب (تبعيته) لنظام يعتبر من (الموبقات السبع) التي تذهب بمن يقول به (وراء الشمس) وهذا مفترض أن يكون بيننا ةمطبقاً بحذافيره.. لكن في السودان هذا الوطن المغلوب على أمره (أصغر ناشط) في تأسيس أو صمود أو حركة مسلحة عمره عشرين عاماً أو أقل وهو أصلاً (فاقد تربوي) أول حديث له في القنوات التي أصبحت تنقل لنا (نعيق) الضفادع (وعواء) الكلاب (ونهيق) الحمير (ليس هناك جيش سوداني هناك مليشيا علي كرتي وجيش الكيزان وسنهزمه ونؤسس جيش مهني يضم كل أطياف السودانيين)
نحن شعب يحتاج لدكتاتور (يخاف الله) راضع لبن أمو (صاح) يمشّي الجميع على (العجين ما يلخبطوه) وليكف الناس عن (الفارغة والمقدودة) والحديث في السياسة والاقتصاد والاجتماع والذرة وثقب الأوزون والأمن السيبراني وكشوفات الجيش وتنقلاته والأمن الوطني (وتسييس) الأجهزة النظامية وأجهزة الدولة التنفيذية كذلك هكذا ولما (يتوجسوا خيفةً) أو يتلفتون حولهم
نحن شعب يحتاج تربية (جديدة) حيث أننا لم نتعلم من التاريخ ولا الأحداث الجسام التي مررنا بما فيها حرب الكرامة (بكل أسف) فقد نزحنا ولجأنا بدول الجوار وعايشنا الأوجاع والفقد والموت والدمار والحريق دون أن يغيّر ذلك قينا شيئاً وراجعين راجعين بكل الأدواء والعلل والأمراض.. ولم تنضج أحزابنا سياسياً حيث أنها لا تزال في ( مرحلة (الفطام) في حين أن السودان الحديث بلغ من العمر تسعاً وستين سنة.. وهذا هو التفسير (الوحيد) لعجز هذه الأحزاب عن الخروج بالسودان لفضاء معافى يتخلص فيه من أمراض السياسة الست وجميع الاحزاب (معرّضة لها) بحكم السن.. لن ينصلح حالنا مطلقاً على الأقل في العشر سنوات القادمة وهذا ليس (تشاؤماً) ولكن نظرة سريعة فاحصة لطبيعتنا (الغلط) وعدم تعلمنا من دروس الحياة والمصيبة الأكبر أننا ننحدر لدرك سحيق في كل ما ذكرت وبالتالي نحتاج (معجزة).
أخيراً: أين بلاغات القوات المسلحة في من تناولها بالشتائم والسباب والقذف والتجريح منذ أبريل 2019م وحتى يوم الناس هذا؟؟؟