سودانيون

اللواء ركن م يونس محمود يكتب.. عبد الرحيم محمد حسين…شاهد من حضارة كرمة

 

يقولُ المؤرّخون أنَّ مدينة كَرمة هي من أقدم المُدن السودانية إن لم تكُن أقدمها على الإطلاق، حيثُ عُمّرت في الفترة ما بين ٢٥٠٠ _ ١٥٠٠ قبل الميلاد،

وإشتهرت بالمعمار، وصناعة الفخّار والمعادن، ولذلك لا غرو إن حمل عبد الرحيم محمد حسين حقيبته الوراثية من ظهور أولئك النفر، وادخرها في عُمقه وإنطوى عليها كما تنطوي طبقات التُربة على حَب النوى، تتحيّن المواسم حتى تفلق الأرض وتُزهر الحياة، فهو مبعوث الحضارة بعدما زانها بألق المسلم المستنير، صاحب الحدس والتوقّع، ينفذ بنور البصيرة ويحدّث الناس بمشروعات فيها من المبالغة ووحي الخيال ما يحمّل مستمعيه احيانًا على الشفقة عليه لأنهم لا يستطيعون تخيّل أنّ ذلك ممكن، وريادة تلك المشروعات ضربًا من الإسراف في التمنّي، وهم معذورون لأنهم لم يطّلعوا على خرائط عزمه، وساحات تفكيره ( *الحُر* ) غير المقيّد بالإعتياد، والإماكانات المُتاحة، والقُدرة على التنفيذ في بلدٍ مُصاب بداء التقليدية والجمود.

وقد يجهل كثيرٌ من الناس مقدراته التي أضافت لمسيرة الشرطة والقوّات المسلّحة إضافات نوعية غير مسبوقة، وتجاوزت بهما أيّ الشُرطة والجيش تجاوزت مراحل قاصية في زمنٍ وجيز حتى وضعتهما في قوائم المقدمة والتحديث، لا بل والريادة، فأقام صروح العلم الجامعات، فكانت جامعة الرباط وجامعة كرري اللتان أفردتا نوافذ النور والمعرفة لأبناء وبنات السودان في أفضل بيئة تعليمية، ومكّنت العُلماء من أسباب العمل ونشر العلم، وتحقيق إضافات مقدّرة للعلم والفكر الإنساني بصبغته السودانية، ليس ذلك فحسب إذْ عمد الرجل إلى العناية الخاصة بقطاع المنتسبين لهاتين المؤسستين من توفير مقار العمل اللائقة، والسكن، وتمليك العربات في تجربةٍ غير مسبوقة في تاريخهما،

وارتاد الرجل الفضاء لأن تخصصه تصميم هياكل الطائرات فأبت همته إلّا يصف أجنحة صافات بالصناعات الدفاعية وقد كان، إذ خرجت من هناكر التصنيع الطائرات فخرجت طائرات التدريب الخفيفة 01 والمتقدمة 02 والهليكوبتر والمسيّرات زاجل 1 و 2 و 3، فضلًا عن المعدّات الأرضية وتجهيزات الرؤية والإتصالات، وقد تأهلت أيادي فنيّة كثيرة وقطعت أشواطًا في الهندسة العكسية وعمرت أجنحة معرض السودان بالزوار في المعارض الدولية.

ولكن كُل هذا لم يكُن كافيًا في ظنّ أهل اليسار الذين أول ما إستلموا حُكم البلاد كان همّهم القصاص من خصومهم الإسلاميين، وكان عبد الرحيم من أوائل من أُدخلوا السجون، ولبث فيها ست سنوات حسومًا بلا مسوق قانوني، وبمعايير مختلة من الإجراءات، إلى ان تمّ إطلاق سراحه المشروط ( *الإقامة الجبرية* ) ووصل إلى أصله ومركز حضارة الإنسان السوداني الأقدم ليجد أحضان أهله تفردُ في مراحب وإكرامٍ مستحق، فهو إبن سرحتهم وسليل أرض الكنوز المعرفية والمبادارت والهمم التي اقتطف منها عبد الرحيم ما أهّله ليبني حضارةً في العصر الحديث إن جازت التسمية في أبراج القيادة، وفي كُل ركنٍ من السودان أقام صرحًا يفيدُ منه السودان الوطن.

والإبتلاء سنّةٌ من الله تعالى لعباده المخلصين.

تقبّل الله منكم أخي الفريق أول رُكن مهندس مستشار عبد الرحيم محمد حسين.

وعودًا حميدًا لكرمة البلد.

  • وإقامة سعيدة مع الأهل والأحباء.
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.