الكرامة: رحمة عبد المنعم
في زمن الحرب، حيث يختلط صوت الرصاص بأنين الأرض، يظهر فنانون قادرون على تحويل آلام الواقع إلى ضحكات تهز أركان الخصوم، من بين هؤلاء يبرز السادات ودالنذير، الشاب السوداني الذي اتخذ من الكوميديا درعًا وسلاحًا، محولًا هزائم مليشيا الدعم السريع إلى مشاهد ساخرة تُثير الإعجاب والتفكير.
السادات يحوّل هزائم المليشيا إلى دراما ساخرة
مشهد كوميدي
تخيلوا شابًا يقف وسط ساحة معركة افتراضية، وحيدًا بعد أن هلك رفاقه، يرتدي زيًّا عسكريًا، ويتحدث في هاتف جديد مع “قائده” بينما يحاول وصف الهزيمة المخزية بعبارات تجمع بين الرثاء والسخرية. فجأة، ودون سابق إنذار، تصيبه طلقة طائشة وهو في ذروة مأساته الكوميدية، لينهي المشهد وسط موجة من الضحك الممزوج بالدهشة.
هذا ما قدمه السادات ود النذير في فيديوه الأخير الذي يحاكي هزيمة مليشيا الدعم السريع في مصنع سكر سنار. بأسلوب يمزج بين السخرية والدراما، أعاد تصوير الهروب المهين لتلك القوات باستخدام نغمة الأغنية الشعبية الشهيرة “يا قصب سنار”، محولًا المشهد العسكري إلى لوحة فنية مضحكة.
فيديو الهروب من مصنع سكر سنار يشعل مواقع التواصل
مرآة للواقع
السادات ليس مجرد كوميديان يُضحك الجمهور، بل هو فنان يُجسد بمهارة واقع مليشيات الجنجويد وسذاجة عناصرها، ويعكس يومياتهم بحس فكاهي ساخر. يبرز نقاط ضعف مليشيا الدعم السريع ويُظهر عبثية تصرفاتهم أمام الشعب السوداني والعالم، فيديوهاته تحمل رسائل مزدوجة: رسالة للمليشيا بأن أفعالها محل سخرية واستهزاء، ورسالة للشعب بأن الضحك في وجه القهر يمكن أن يكون شكلاً من أشكال المقاومة.
أمس ايضاً، أصدر السادات فيديو جديدًا بعنوان “ليلة حزينة”، يسخر فيه من هزيمة المليشيا في أم القرى، حجر العسل، وأم روابة، بأسلوب إبداعي يُعيد صياغة الواقع السوداني بحس ساخر.
فيديوهات الحرب تعيد صياغة الواقع السوداني بالضحك
سلاح نفسي
لطالما كانت الحرب النفسية جزءًا أساسيًا من الصراعات، وما يقدمه السادات هو نوع فريد من هذه الحرب ،عبر فيديوهاته، يتمكن من تقويض صورة العدو في أذهان الجمهور، ليحوّله من مصدر للخوف إلى أضحوكة.
اختيار السادات لأغنية “يا قصب سنار” أو سياق “ليلة حزينة” يعكس ذكاءه الفني، حيث يُعيد توظيف رموز الحياة اليومية في السودان لتعبر عن هزيمة المليشيا وهروبها المذل.
حديث يومي
الجمهور السوداني ليس مجرد متلقٍّ لهذه الفيديوهات، بل شريك في انتشارها وتحليلها، أصبحت فيديوهات السادات موضوع حديث يومي في المطاعم والكافيهات والمنازل، تُروى بشغف وتُشارك بين الأصدقاء كوسيلة للتخفيف من ثقل الواقع.
رغم طابعها الكوميدي، تُسهم هذه الفيديوهات في بناء حالة من التكاتف بين الشعب، حيث يجد الجميع في السخرية ملاذًا من قسوة الأحداث.
السادات ود النذير، بشخصيته البسيطة وأسلوبه العفوي، أثبت أن الكوميديا ليست مجرد وسيلة للتسلية، بل أداة قوية للتغيير والمواجهة ،من خلال فيديوهاته، يعيد تشكيل صورة الحرب في الأذهان، ليحوّل الألم إلى مادة ضحك والواقع القاسي إلى فرصة للإبداع
اشتهر السادات أيضًا بإنتاج فيديوهات تحت وسم “#يوميات_دلقو #بل_بس”، حيث يُتابعها الآلاف كمصدر للضحك والوعي في آنٍ واحد.
السادات فنان يثير الضحك ويزعزع الخصوم
روح الفكاهة
في النهاية، تُذكّرنا قصة السادات بحقيقة بسيطة: في زمن الحرب، يحتاج الناس إلى أسلحة كثيرة، بعضها مصنوع من الحديد والنار، وبعضها الآخر من الكلمة والضحكة، وسط كل الدمار، يظهر السادات ليقول للعالم إن السودانيين، رغم الألم، قادرون على المقاومة بروحهم الفكاهية التي لا تُقهر.