سودانيون

السفير الدكتور خالد فرح .. يكتب .. من صفات العيون في العامية السودانية

 

لا شك في ان عيني اي انسان هما مفتاح شخصيته، والسمة الدالة على ملامحها ومشخصاتها النفسية والسلوكية والمزاجية في اغلب الاحيان. كما ان حالة عيني شخص ما وشكلهما، يثير في نفس الناظر اليهما مشاعر وانطباعات محددة، أضحت لدى كثير من الناس اشبه بالصورة النمطية بصورة عامة. فكثيرا ما يوصف بعض الناس من مرأى أعينهم فقط بانهم طيبون او خبثاء او ماكرون او شريرون وهكذا. وقد وصف الشاعر المناضلة الجزائرية ” فضة ” على سبيل المثال بانها:،” ذات العينين الطيبتين “.
فعموما يثير منظر العمى والإنسان الاعمى عند الناس مثلاً، مشاعر الرثاء والتعاطف الوجداني، بينما يثير العور ومنظر الإنسان الاعور ، وخصوصاً من ذلك النوع الذي يضع عصابة واحدة سوداء يغطي بها عينه العوراء ، مشاعر التوجس والخوف من عدوانية الشخص الذي تلك صفته وشره النمطي ايضا. اما الحول عند البشر، فيثير بالأحرى السخرية، وقد يدفع البعض إلى التندر والضحك. وقد تنبه صناع العروض التمثيلية الفكاهية إلى هذه الخاصية المضحكة المرتبطة بالحول، فصاروا يجعلونها احياناً جزءا من مؤثرات أعمالهم. فعلى سبيل المثال كانت هنالك صورة فوتغرافية لرجل كبير السن واحول معلقة على الجدار في مسرحية ” المتزوجون “، علقت عليها ” شيرين ” قائلة: ” جدّو حولان ! “، فرد عليها سمير غانم: ” ظروفو بقى !! “.،
مهما يكن من امر ، فان اللهجة العامية في السودان، وخصوصاً في الأرياف والبوادي، ظلت تحتفظ بالفاظ ونعوت عديدة جدا للعيون وأشكالها حمدا وذماً في صفاتها المختلفة.
فمن بين تلك الصفات الحميدة والجميلة للعيون في العامية السودانية، ما يسمى ب ” الدَغَسة ” بفتح الدال والغين والسين، حيث توصف العيون بانها ” دُغُس ” بضم الدال والغين وتسكين السين، ومعناها كحل مع غؤور مستملح وصغر غير مشين.
ومن الصفات الحميدة المستحدثة للعيون وصفها بانها ” ضاحكة “، وهذه الصفة كانها من مبتدعات شعر الحداثة، ولا نظن انها قد وردت في الشعر العربي القديم.
وقد غنى المطرب عبد العزيز المبارك: ” أنا وانت يا ضاحك العيون .. لحظات تنسي الناس شجون ” الخ.
اما الصفات الذميمة للعيون فهي الأكثر شيوعا في العامية السودانية، وتجي في ألفاظ هي من غريب هذه اللهجة الثرية بكل تاكيد.
فمن بين تلك الصفات الذميمة للعيون في العامية السودانية عموما، وخصوصا في عربية كردفان التي اعرفها على نحو اكثر نسبياً، وصفهم للعيون ب: ” المكورمات ” اي المنتفخات من اعلى اي مما يلي الحدقات والأجفان ، و ” مدفدفات ” اي منتفخات من الاسفل وعلى الطرفين، و ” مرمّصات “، اي باهدابها تسلخ ولونها أصهب وشائه، و ” منمّكات ” والنون هنا تنطق خيشومية الصوت مثل الذي يرد في اللفظ الذي يراد به الطعام في لغة الاطفال ، وتعني انهما عبنان معتلتان تفرزان سائلا ثخينا يشبه الصديد، و ” مجبجبات ” والجيم هنا تنطق مثل نطق الصوت ch في كلمة church الإنجليزية، وهي تعني تذرفان بلا توقف.. وربما كانت هنالك صفات وألفاظ اخرى ندت عني في الوقت الراهن

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.