أم درمان تتنفس الصعداء وتزدهي ألقاً وجمالاً
كتب/ يوسف عبد المنان
📌 مع إشراقِ شمس كل صبحٍ جديد تتنفس ام درمان طبيعياً، وتملأ رئتيها بنسيم العافية، وتتوغل القوات المسلحة وجهاز الأمن وقوات الشرطة والمجاهدون، غرباً وجنوباً، لدك آخر معاقل قوات المليشيا المتمردة.
📌 لقد هرع والي الخرطوم في احتفالية ناطقة بإبتسامات قادة الإعلام، وأكثر من مائة صحافي وإعلامي، لم يغادروا الخرطوم، إحتفالية وصول أحدث أجهزة البث والمونتاج والتصوير والديكور، إيذاناً بعودة تلفزيون جديد لولاية الخرطوم، بعد أن فقدت الخرطوم تلفزيونها الولائي والتلفزيون القومي، اللذان كانا يبثان من شارع النيل بامدرمان، متجاورين للمسرح القومي، وتلكم هي الحيشان الثلاثة كما تعرف: الإذاعة والتلفزيون والمسرح. ويجري الإعداد بهمة عالية، لتأسيس إستديوهات جديدة، لبداية البث من محلية كرري، وسط مخاوف مبررة من إمكانية استهدافها من على البعد، بيد أن سعادة الفريق ياسر العطا الممسك بندقية قنص التمرد في الخرطوم، بث تطمينات بأن التمرد يلفظ أنفاسه الأخيرة، ولم تبق الا أسابيع قليلة بإذن الله لسحقه تماماً..
📌 وبشارة أخري بدأ التلفزيون القومي نفسه رحلة عودة غير معلنه، كما قال الأستاذ مستور آدم بإعداد استوديوهات حديثة في كرري. ومن هنا فإن عودة قناة النيل الأزرق للبث مرة أخرى لا يعد مفاجأة في ظل التطورات الإيجابية المطمئنة للأوضاع الأمنية في محليات كرري وأم درمان، ونصف محلية ام بده. ولكن قناة النيل الأزرق التي فقدت قائد ركبها الصحافي فتح الرحمن شيلا الذي تخطفه التلفزيون القومي، وسط جدل كثيف حوله، ربما أعادت القناة صانع مجدها القديم الأستاذ حسن فضل المولى، ام ملاك القناة من قراء رواية الماضي لايعود لاحسان عبدالقدوس، وبعيداً عن تعقيدات إدارة القنوات الفضائية العائدة لحضنها القديم، وبعد توقف قسري لتلفزيون الخرطوم والنيل الأزرق، وهجرة مرغمة لتلفزيون السودان الي دويلة بورتسودان، فإن نسيم العافية الذي تتنفسه ام درمان الآن يمثل بداية لحياة جديدة، مابعد حرب ضروس..
📌 وقبل عام من الآن لم يكن بإستطاعة مواطني الثورات من الحارة الأولى إلى الحارة 170عبور خور شمبات !! بل تمنع المليشيا مرور الجنائز لدفن الموتي في مقابر احمد شرفي، دع عنك الوصول الي مقابر البكري أو مقابر حمد النيل، مما اضطر الأهالي لدفن موتاهم في المدارس !! ومن يصدق أن علماً وأستاذاً جامعياً مثل البروفيسور الحبر يوسف نورالدائم قُبر في مركز شرطة حي بانت بأم درمان، واليوم ما إن تطأ قدماك سوق صابرين بكرري الا وتعالت أصوات مساعدي سائقي الحافلات يرشدون المارة الي الحافلات التي تقلهم إلى سوق امدرمان، وحي بانت، والمهندسين، والفتيحاب، وقبل خمسة أشهر من الآن كانت هذه الأحياء السكنية عصية الوصول إليها ولو بشق الأنفس.
📌 وتواجه حكومة ولاية الخرطوم اليوم مشكلات في صيانة خطوط الكهرباء التي تعرضت للتخريب المتعمد، وشبكات نقل المياه في ظل إمكانيات مالية محدودة، ورغم ذلك نجحت هيئة الكهرباء أو شركات الكهرباء بمسماها الجديد في إعادة التيار الكهربائي إلى إحياء ودنباوي، والمسالمة، اي حي الأقباط والاغاريق، وابي رووف، وبيت المال، وقد رفع الأذان لصلاة الجمعة الماضية في مسجد الشهيد الزبير محمد صالح، بحي المهندسين، بعد تحريره من قوات المليشيا بعد معارك عنيفة استبسل فيها المقاتلون من الجيش والقوات الخاصة لجهاز الأمن وشرطة الاحتياطي المركزي، وتعد أحياء الدوحة والياسمين والمنصورة من أكثر الأحياء اكتظاظاً بقادة المليشيا، وهي قلاع حصينة تحرسها مئات من بنادق القنص، ولكن بعد يوم واحد من القتال نجحت القوات المسلحة في معارك كرامة البلاد القضاء على أكبر معاقلهم، وبذلك بات الطريق ممهدا للسيطرة على الأطراف الجنوبية من ام درمان، حتي الصالحة وريفي غرب جبل أولياء.
📌 إن عودة الحياة إلى ام درمان تمثل شهقة العافية بعد الاحتضار، ورسالة للمواطنين الذين خرجوا من ديارهم بغير حق، للعودة مرة أخرى لاستئناف مسيرة حياة جديدة، مفعمة بالأمل، برغم الجراحات العميقة والذكريات الأليمة.
7 أغسطس 2024م