ياسر الفادني… يكتب…لا تقرأ هذا المقال
يُحكى – واخذ الحكاية على محمل الجد، فكل ما فيها محض “عبقرية حميرية” : أن حماراً نَشِطاً في العلاقات العامة قرر أن يكرم إثنين من بني جنسه، رأى فيهما مؤهلات “الاستحمار السياسي العالي”: سمعاً مطيعاً، وهزّاً للرأس دون تفكير، ونهيقاً في التوقيت المناسب
أكرم الحمارُ ضيفيه كرم البلهاء، علفاً لا لذيذا يطعم، وماءً لا يُروى، لكنه كان مزهوًّا بـ”شرف المبادرة”. ثم زاد في الغباء وتفنّن، فقال لهما: “سأحملكُما على ظهري إلى الضفة الأخرى، هناك حيث العلف المُعتّق، والظل الوارف، والرتب الحميرية الرفيعة، حيث الطقة، والسلطة، والحشم، والمزز اللاتي لا ينهقن عبثاً!”
انبهر الحماران، وبكيا من التأثر، لا لشيء سوى لأن الحمار الذي أمامهما يبدو أكثر حموريةً منهما، وقد فاقهما جهلاً وثقةً في آنٍ معًا
ركبا عليه، وانطلقت القافلة العجيبة، حمار يحمل حمارين علي ظهره نحو مستقبل غارق في البلادة، ولما بلغوا النهر، قال الحمار المثقل حميرا : “تعلمان أنني لا أُجيد السباحة… أذناي تمتلئان ماءً وأغرق، لكن لا تقلقا، هذه المرة سأتصرّف!”
كلمة قالها وغاص، تتقلّب أذناه كصحنين مملوئين بالحماقة، ومع كل رفرفة منهما، يبتلع النهر وعده، وحلمه، وحماريه، غاص الثلاثة، وغاصت معهم القصة، والوهم، والعلف الفاخر والأحلام الوردية
ولم يظهر منهم أحد
إني من منصتي ….أقول لمن يصر على الفهم رغم التحذير : الحمار المثقل هو كتلة تأسيس، والحماران معروفان بالأسماء والألوان والألقاب ، إنتهى المشهد كما يبدأ كل صباح في تلك البلاد البعيدة الحميرية : غباء يُحمَل على غباء، وأوهام تركب أوهام، والضفة الأخرى تضحك ساخرة، تنتظر دفعة الحمير التالية !، أما أنتم… فشكراً لأنكم لم تقرأوا هذها المقال.