سودانيون

تقرير : هل الحكومة المدنية… ضرورة ؟!..!! 

‏وتستمر حلقات مسلسل الغموض الذي يكتنف تفاصيل الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة 2019م المعدلة لسنة 2025م، والتي أجازها الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء يوم الأربعاء الماضي، حيث خرج المتحدث الرسمي باسم الحكومة، وزير الثقافة والإعلام خالد الإعيسر وأدلى بتصريح مقتضب مفاده أن الاجتماع المشترك للمجلسين أجاز الوثيقة الدستورية بعد إجراء بعض التعديلات عليها، ونوه الإعيسر إلى إجازة الاجتماع قانون الإجراءات الجنائية تعديل لسنة 2025م، وإجازة قانون الشركات لسنة 2015م تعديل 2025م، وإجازة قانون تشريع الاستثمار لسنة 2021م، تعديل لسنة 2025م، بالإضافة إلى تكوين لجنة خاصة لدراسة الموقف الكيني الأخير، وشهدت الساعات التالية لتصريحات وزير الثقافة والإعلام غباراً كثيفاً من التحليلات والتكهنات، الأمر الذي اُضطر معه المتحدث الرسمي باسم الحكومة خالد الأعيسر إلى التقليل من أهمية ما صدع رأس منصات التواصل الاجتماعي واصفاً إياها ( بالتكهنات غير الدقيقة وغير المهنية).

 

▪️توتر سياسي:

ارتفاع ثيرمومتر التكهنات والتحليلات، فرضه طقس التوتر السياسي، وحالة الاستقطاب التي تشهدها البلاد على ضوء الإشارات السلبية التي تحملها رياح الضغوطات السياسية التي تهب من العاصمة الكينية نيروبي حيث تقام الفعالية الخاصة بتوقيع الميثاق السياسي، الذي يمهِّد الطريق أمام ميليشيا الدعم السريع لتشكيل حكومة موازية للحكومة السودانية التي تدير شؤون البلاد من العاصمة الإدارية المؤقتة بورتسودان، وأبدت الحكومة السودانية امتعاضاً من الموقف الكيني، مبينةً أن نيروبي أصبحت أحد المراكز الرئيسة للأنشطة السياسية والدعائية والمالية واللوجستية لملي شيا آل دقلو الإره ابية، واحتجاجاً منها على استضافة كينيا لاجتماعات الميليشيا المتمردة وحلفائها، في خطوة عدائية أخرى ضد السودان، قامت وزارة الخارجية السودانية باستدعاء سفيرها في كينيا، واصفةً موقف الرئيس الكيني وليام روتو بالمشين، بعد أن قام باحتضان الميلي شيا المت مردة وأعوانها ودعمهم على مؤامرة تأسيس حكومة لميليشيا الإبادة الجماعية وتابعيها، معتبرة ذلك تشجيعاً للانقسام وإعلاناً لمعاداة الشعب السوداني.

 

▪️سلبيات تأخير الحكومة:

ويرى مراقبون أن الفوضى التي تضرب بأطنابها وتثير الكثير من المخاوف والقلق، تأتي جراء تأخير قيادة الدولة في تسمية رئيس الوزراء المدني، ليضطلع بدروه بمهمته الكبيرة في اختيار حكومته، حيث ظلت قيادة الدولة تطلق تصريحات متكررة باقتراب تشكيل الحكومة المدنية، فيتأهب المشهد، ويترقب الشارع، ولكن سرعان ما تذهب هذه التصريحات أدراج الرياح، ويصمت لسان الحراك السياسي، ويعود الناس مشدودين على وتر الترقب والانتظار، وقد شهد شهر نوفمبر من العام الماضي 2024م تعديلات محدودة في مجلس الوزراء، شملت أربع حقب وزارية هي الثقافة والإعلام، والخارجية، والشؤون الدينية والأوقاف، والتجارة والتموين، وتوقع الشارع أن تكون الخطوة ممهدة لتسمية رئيس وزراء ليقوم بتشكيل حكومة الحرب التي تم الإعلان عنها أكثر من مرة ولكنها لم ترَ النور حتى الأن، الأمر الذي دفع مراقبين إلى انتقاد البطء الذي يلازم تشكيل الحكومة، مبدين قلقهم البالغ من أن يكون أمر تشكيل الحكومة المدنية سيمضي على شاكلة النهج الذي اتخذه الجيش في حرب الكرامة الوطنية والذي عُرف باستراتيجية (الحفر بالإبرة)، والتي كانت عبقريةً ناجحة آتت ثمارها في استعادة هيبة الجيش واستيعاب الصدمة الأولى للحرب والقتال من المسافة صفر، وذلك من خلال المحافظة على القواعد الخاصة بالتكتيك العسكري للقوات المسلحة التي استجمعت قواها وشدّت مئزرها وانطلقت نحو الانتصارات الساحقة والمتلاحقة.

 

▪️منطق القاموس السياسي:

ويؤكد السفير نادر فتح العليم الخبير في الشؤون الأفريقية، أن التأخير في تشكيل الحكومة المدنية أدى إلى كل هذه التداعيات التي تعيشها البلاد، وقال في إفادته للكرامة إن منطق القاموس السياسي، يبين أن ترك الفراغات يُملأ بالغير، معتبراً أن إطالة أمد التفكير في تشكيل الحكومة، انعكس سلباً على بروز بعض الظواهر السياسية قد تكون لها تأثيرات على مستقبل السودان، وزاد” كان من المأمول في الفترة السابقة أن يتم تعيين رئيس وزراء مدني قبل انعقاد القمة الأفريقية ال38 بأديس أبابا” وقال إن هذه الخطوة كانت ستؤدي إلى رفع الحظر عن السودان، ليعود دولةً كاملة العضوية في بلاط الاتحاد الأفريقي وفاعلة في برامجه وأنشطته المختلفة، وأكد السفير نادر فتح العليم أن استعادة السودان لعضويته داخل المنظمة الأفريقية كان سيمنع دولة مثل كينيا من أن تتبنى مثل هذه المواقف المخزية بفتح ذراعيها لاحتضان فعالية متعلقة بإقامة حكومة بديلة، أو استضافة مثل هذه الأنشطة المعادية لدولة في الاتحاد الأفريقي حسب الميثاق المنصوص عليه في اللوائح والنظم المعمول بها داخل المنظمة الأفريقية.

 

▪️مبررات معلومة ولكن:

ويعرب السفير نادر فتح العليم الخبير في الشؤون الأفريقية عن تفهمه للمبررات المعلومة والتي يمكن أن تؤدي إلى هذا التأخير كون البلاد تخوض حرباً وجودية ضروساً هي معركة الكرامة والتي تتجه إلى تحقيق مبادئ السلم والأمن، باعتبارها قضية لا يعلو عليها في الوقت الراهن، مؤمناً على أن قيمة الأمن والسلم في السودان أعلى من أي قيمة سياسية أخرى، ولكن في ظل الحرب السياسية التي تشنها بعض الجهات على السودان، فإن وجود ظهير سياسي يقاتل بالأسلحة السياسية والحصافة الدبلوماسية، بات أمراً مهماً تمليه الظروف المحيطة، إذ لا يكفي فقط قتال القوات المسلحة المدعومة بالقوات المساندة لها، والمعززة بالالتفاف الشعبي، والاصطفاف الجماهيري، وشدد السفير نادر فتح العليم على ضرورة إسناد الجيش بحكومة مدنية مكتملة الأركان كاملة الدسم، تساعد القوات المسلحة والقوات المساندة لها على الانتصار في معركة الكرامة سياسياً، لندرأ عن السودان شبهات التقسيم، ونقطع دابر كل الظواهر السالبة في العمل السياسي.

 

▪️خاتمة مهمة:

ومهما يكن من أمر يبقى الإسراع بتعيين رئيس وزراء ليشكل الحكومة المدنية مطلباً مهماً في الراهن الماثل ويحتاجه السودان حالياً أكثر من أي وقت مضى، ليفي السودان باستحقاقاته التي تعيده لاعباً مهماً في ميدان الاتحاد الأفريقي يستطيع من خلال وجوده داخل أروقة المنظمة الإقليمية أن يضع حدّاً لسرطان الفوضى الذي بدأ يستشري في جسد الاتحاد الأفريقي الذي يبدو في حاجة ماسة لإصلاح مؤسساته من أجل الحفاظ على هيبته واحترام سيادة الدول، ومنع التدخلات الخارجية من البعض الدول كالإمارات التي تحاول التحرك في الفضاء الأفريقي الهش باستخدام أموالها لاستمالة الأنظمة الأفريقية الضعيفة، ومن يهن يسهُ٦ والله من ٧ والله ٩ والله من وراء القصد مرحبا ل الهوان عليه.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.