سودانيون

ايمن كبوش يكتب.. (ماوكلي).. فارس الدفعة (45) والبرق الخاطف

قلت له: مع حفظ المقامات والالقاب وكل الرتب العسكرية التي كان لها كثير اثر وكسب وجهد وعرق في معركة الكرامة وصد العدوان الغاشم على التراب السوداني من ملي شيا آل دقلو الإره ابية، الا انني أحب أن أتوقف اليوم عند ما كتبه الاخ الاستاذ (عبد الرحمن ابو مجاهد) الذي جاءني في جرحٍ اثار اعجابي عن العقيد الركن (الياقوت الطيب البشير).. أحد فرسان الدفعة (45) كلية حربية وأبرز قادة متقدم (البرق الخاطف) من محور الشرف والصمود المناقل بقيادة اللواء الركن عوض الكريم علي سعيد، قائد الفرقة الأولى مشاة، والاخ الياقوت هو (دفعة حرف وقلم ونغم) منذ ايام طيبة الذكر (قلب الشارع) حيث كان استاذنا ومعلمنا الكبير (كمال محمد الحسن خشم الموسم)، عليه الرحمة، يطلق عليه لقب (ماوكلي فتى الادغال)، كان وقتها يصول ويجول في مسارح عمليات جنوب النيل الازرق واحراش الجنوب، يغيب ثم يعود بذات ابتسامته الوضاءة وثغره البسام، وثمة بشاشة مازال يختبئ خلفها مقاتل من الطراز الفخيم.

# سبقني الاخ ابو مجاهد في الكتابة وهي التي كانت لزاما وواجبا عليّ منذ أن كان الياقوت في عز كتمة مدرعات الشجرة، يطمئن علينا وعلى أحوالنا وكان الواجب أن نطمئن نحن وقد اشفقنا عليه وهو يبكي صديقه الشهيد، العقيد الركن وقتها، اللواء الركن (عبد الرحمن الطيب الصديق) ابن قصروف سعد وعرين الابطال الذي دافع عن المدرعات حتى آخر قطرة دم ثم أسلم الراية لصديقه الياقوت الذي ظل ينتقل من ميدان إلى آخر ولم يستقر به الحال إلا أيام معدودات في مناقل الخير التي بدأ منها الاشراف على معسكرات المستنفرين بيقين (أن عرق التدريب يحقن دماء المعركة)، ثم أطل متحرك (البرق الخاطف) لتحرير الجزيرة فكان الثبات من محطة 57 وكانت هناك ود النورة وسرحان الشيخ تاي الله، وهاهو المتحرك يرفع تمامه مع إخوته في تماسيح النيل الابيض وابطال الفرقة 18 مشاة بقيادة اللواء الشاب سامي الطيب في منطقة (نعيمة) وهناك جنة بلال (قطينة الصالحين) في (نشنكة) الابطال ومرمى نيرانهم.

# أتوقف عند ما كتبه الاخ ابو مجاهد: (حينما كان الصمت من ذهب صمت ياقو.. وحين كان وقت الحديث ايضا صمت لينطق الرصاص.. كانوا قديما حين يريدون أن يمجدوا شخصا.. يجب أن يتصف باحدى صفتين …إما الكفر أو إجادة الوتر… لكن الياقوت كان كشكولا للابداع فجمع بين ما فيه الاستحالة… وكل التضاد… فكان حين حمي الوطيس وادلهم الخطر.. ركازة.. وحجر زاوية.. فكان له من اولئك البضع وعشرين أسدا من أبناء دفعته الذين سطروا للمجد عنوانا وخاطوا للعزة ثوبا من العز والعفاف والستر ضمن كوكبة نادرة خالدة من ابطال القوات المسلحة… نقشوه بدماء الطهر فرووا بها ارض مدرعات الشجرة.. فمضي منهم من مضي في سفر الخلود شهداء.. فلم يبق منهم على قيد الحياة إلا عشرة ونيف.. فكان العقيد الركن الياقوت الطيب البشير واحدا من هولاء النشامة الذين تفرقوا في ساحات الوغي رسلا للبطولة والفداء… فكان للمناقل منه نصيب فذاد عنها مع من ذاد وضحى مع من ضحوا من زمرة ابطال اسود العرين.. وحين تمنعت ودمدني السني عروس الجزيرة وغادتها المستحمة علي النيل كما غازلها الاديب الشاعر الأريب والضابط المثقف الأنيق عمر الحاج موسي.. وحين ابت واستعصمت.. كان الياقوت أحد قادة جحافل المحور الغربي.. أتاهم بغتة وهم لا يشعرون رسولا من لدن حكيم عليم ينفذ فيهم حكم الله مقطعا للرقاب… اتاهم يقود متحرك البرق الخاطف يدك حصونهم في المخيرف وود النعيم وكمر الجعليين.. فكانت معركة ٥٧ التي تم تدمير أكثر من مائة وثمانية عربة مقاتلة… مطبقا فيهم قول الشاعر : (فمساهم وبسطهم حرير وصبحهم وبسطهم تراب.. فمن في كفهم منهم قناة كمن في كفه منهم خضاب).. فالسلام على ياقوت في العالمين وهو يغير اتجاه البوصلة بزاوية استدارة كاملة الدوران.. مكملا جميلا لا يُنسى ومسطرا تاريخا لا يُبلى وبصمة مستديمة وهو يقود أبطالا يلتحمون بابطال… فلا شك أن نتاجهم نصر لا تخطئه عين.. فالتحية له ولمن معه من الفوارس الكاسرة… وهم يدخلون نعيمة وبلا شك أن ارض سميك دونها النصر أو الفناء فقريبا يلوح لنا النصر في أفق الشيخ الياقوت.. ويطيب مسكنك وتحتفي مع أسرتك وتعانق الفياض في جبل الأولياء وتعرج علي جبران الانس والامس في الدخينات.. ويبقي الياقوت اسم علي مسمي كالصيب الغزير اينما وقع نفع…)

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.