عبد الرحمن أحمد البشير يكتب: معركة الصمود والعبور 11/ 11/ 2023م.. (المسالمة.. حي العرب)
عبد الرحمن أحمد البشير يكتب: معركة الصمود والعبور 11/ 11/ 2023م.. (المسالمة.. حي العرب)
▪️ فيhttp://في يوم الجمعة ١١/١٠ صدرت التعليمات بالتحرك للسيطرة والإنفتاح في المسالمة وتقاطع حي العرب، وهي منطقة مفتوحة تقع جنوب الإحتياطي المركزيعبد الرحمن أحمد البشير يكتب: كواليس أم المعارك أمدرمان، يحدها من الشرق مقابر البكري وهي مساحة شاسعة تقع جنوبها عمارات شاهقة وحصينة أعطت مليشيا الدعم السريع ميزة التمركز الجيد وسهولة قنص قواتنا المتقدمة وتدمير آلياتنا عبر المدافع الحرارية الموجهة والمسيرات ومدافع الهاون.
▪️في صباح السبت ١١/١١ تحركت قواتنا من معسكر سركاب إلى منطقة الحشد بالأمل الوطني أمدرمان.
▪️تكاملت قواتنا هناك، وكانت قوات الكتيبة الثانية تمثل القوة المتقدمة والكتيبة الأولى والثالثة والرابعة قوة إحتياطية.
▪️كانت القوات جاهزة ومتماسكة كالبنيان المرصوص تعجب الزراع وتغيظ الأعداء، الأرواح والأعناق كانت تواقة ومشرئبة للقاء العدو والهمة والروح عالية، وحماس قواتنا كأنه يلامس عنان السماء.
▪️تحركت الكتيبة الثانية راجلة نحو الإحتياطي المركزي أمدرمان واستقرت بمنطقة متقدمة أمام الإحتياطي، حيث تم التأكد من الجاهزية والخطة.
▪️قام قائد الكتيبة الثانية الأخ العقيد أبو عزام بتكرير التوجيهات للضباط وأمراء المجاهدين، وقد حدث ذلك في جو كان يسوده الإخاء والجدية في ذات الوقت.
▪️تناولنا وجبة الفطور وأدينا صلاة الظهر والعصر قصراً وجمع، ثم دعونا الله الثبات والنصر وبسم الله وعلى الله توكلنا شعارنا إما نصر يعز البلد وإما شهادة تغيظ الأعداء، زادنا وذخيرتنا حسبنا الله ونعم الوكيل قبل كل سلاح مادي أو تخطيط بشري.
▪️بقيادة قائد اللواء الأخ العقيد محمد جلال وقائد العمليات العقيد عباس دنقلا والعقيد سراج حسن حسين وقائد المدرعات العقيد زاهر، تحركت قواتنا المشاة حتى وصلت لمواقع متقدمة تجاه العدو وبعدها قدمنا المدرعات لدك حصون العدو المتحصن في العمارات ولخفض رأس ونيران عناصره وتحييد القناصة.
▪️في ذات الوقت كان السيد – اللواء حينها – الفريق ركن محمد عباس اللبيب قائد متحرك أسود العرين يتابع ويقود المعركة من غرفة السيطرة الميدانية والتي تبعد مئات الأمتار فقط عن منطقة الإشتباك.
▪️ بدأت قوات العدو بشن هجوم مدفعي عنيف علينا، أراد العدو بهذا القصف خفض معنويات قواتنا وإعاقة تقدمنا، لكن عزم أبطال أسود العرين وعزيمة الرجال كانت حاضرة، فتقدمنا لعمقهم وكأن لسان حالنا يقول للعدو قسماً إن زدت زدناك عنادا.
▪️تحت نيران الإشتباك والقصف والتدوين تقدمنا بكل ثبات نستلم الشارع تلو الشارع وعمارة تلو الأخرى حتى وصلنا تقاطع حي العرب (داخلية رتاج) وهنا حمي الوطيس وزمجرت جميع الأسلحة، زاد التدوين وحام الموت فوق رؤوسنا دوار لكن الرجال هزئوا به وصبروا لها حتى انجلت غمراتها وانفض من ساحاتها فلول التمرد.
▪️حاولت قوات المليشيا الإلتفاف علينا من جهة الشرق لكن صمد الرجال في وجهها فاشتبكنا مع القوة الملتفة وكان سقوط أول شهيد في المعركة الأخ الشهيد د. عمار هاشم الخليفة الذي ترك الصيدلية في معسكر سركاب وحمل سلاحة وتقدم مع القوة المتقدمة.
▪️مع شدة الإشتباك ونحن نوجه النيران ونديرها قلت في نفسي لو تراجعت قواتنا فسيجد العدو فرصة ويستلم جثمان الشهيد عمار فيجب أن نخليه.
▪️ومع شدة الإشتباك لا تستطيع عربات الإخلاء الوصول لموقعنا فسحبت الشهيد عمار إلى داخل عمق صندوقنا القتالي وأذكر حينها الأخ مظفر والأخ معمر اللذان ساعداني في ذلك.
▪️واصلنا في المعركة وأصيب عدد من الأخوان فاتصلت بالأخ شوبلي الذي كان مع القوة الإحتياطية بالأمل وقلت له: يا شوبلي جيبوا لينا عربية إخلاء عندنا شهيد وجرحى، حضرت عربة الإخلاء وقمنا بإخلاء الشهيد عمار وكل المصابين.
▪️صمدت قواتنا في المعركة منذ الساعة الثانية عشر والنصف ظهراً وحتى المغرب، حاولت قوات العدو الإلتفاف بعدة شوارع جانبية لكن وجدوا قواتنا في كل مكان تسد الثغرات وتقاتل ببسالة وثبات، وجدوا أخوان الأخ بن عمر وفرسان هيئة العمليات في الموعد.
▪️أثناء تلك الإلتفافات كانت قواتنا في محور المقدمة في داخلية رتاج وتقاطع حي العرب عنيدة وصلبة المراس، ظلت تقاتل بكل ثبات وإستبسال، عهدهم مع إخوانهم أن الرماة على الجبل لن يبرحوه حتى النصر أو الشهادة.
▪️مع إشتداد المعركة أصيب قائد الكتيبة الثانية الأخ العقيد أبو عزام فتسلم قيادة الكتيبة الأخ المقدم محمد أحمد وأدار المعركة مع قائد العمليات وقائد اللواء بكل جدارة وثبات.
▪️ونحن في ذروة الإشتباك إذا بعربة دعم سريع (لاند كروزر) تتجه نحونا في عملية إنتحارية فالجميع ذهل من هذا التصرف الأهوج، فقد دخلت العربة فينا وكادت أن تقتلنا دهساً، لكن تمكنا من التعامل مع الموقف وقتل ضارب الدوشكا ونجى منا سائق العربة بعربته بإعجوبة فيوم هلاكه لم يأذن به الله.
▪️بعد نهاية المعركة علمنا أن العربة كان بها قائد ووصل إلى قواتنا في تقاطع حي العرب بالخطأ ظناً منه أنها قواته فقتل بنيران أخواننا، ولضيق الشارع فلا مجال لسائق عربته إلا أن يدخل فينا بعملية إنتحارية ليتجه شرقا عبر لفة مقابر البكري لعله ينجو بجلده من الموت أو الأسر.
▪️في هذه الأثناء حدثت موجة عنيفة من الهجوم تراجعت على أثرها قواتنا المتمركزة في أعلى أسطح العمارات عدا قوة عمارة رتاج.
▪️ثبتنا القوة المتراجعة ببث روح الحماس فيهم، وفي الحال تواصلت مع قائد العمليات الذي كان معنا وطلبت منه إحضار المدرعات وعربات الدوشكا والثنائي التي تم سحبها حتى لا تستهدف بمدفعية العدو الموجهة، فأخبرته أننا سنحافظ على تماسك القوات، وسنتعامل مع القوة الملتفة حتى تأتي المدرعات والعربات.
▪️وعلى الفور تواصل قائد العمليات بقائد المدرعات وقيادة السيطرة وطالبهم بإسنادنا بالمدرعات وعربات الثنائي والدوشكا وقد كان ذلك، فحضر الأخ بلكات ورفاقه وخضنا جولتنا الأخيرة والحاسمة مع المليشيا.
▪️في تلك اللحظة حضر إلينا مجموعة من الأخوان من قوة العمل الخاص التابع لمتحرك أسود العرين وبشرونا بإقتراب النصر وإنهيار قوات المليشيا حسب ما شاهدوه في غرفة السيطرة عبر المسيرات، وقاموا بتنويرنا أثناء الإشتباك بحجم قوات العدو الملتفة.
▪️وأذكر حينها ونحن نتعامل مع الإلتفاف حضر راجلاً الأخ المجاهد محمد الفاتح، قال لي يا مرعب أنا سايق الدبابة ديك محتاجين مني شنو قلت ليه الحمد لله المعركة ماشة كويس والناس راكزة لكن عندنا إلتفاف بالشوارع الجانبية جيب الدبابة وفي أي شارع أدينا دانتين بس، وقد كان حضر محمد الفاتح وهو يقود الدبابة بكل مهارة، فقد ناور بها كأنها لاند كروزر وقام بالمطلوب بدقة وسرعة وكفاءة عالية.
▪️بحمد الله وتوفيقه صمدت قواتنا حتى المغرب الذي أعلنا فيه في تلك الليلة غروب شمس مليشيا التمرد عن منطقة المسالمة وحي العرب وشروق شمس الكرامة والعزة في الأحياء الجنوبية الغربية من أمدرمان القديمة.
▪️إنتهت المعركة بنصر عزيز وتقدم كبير لقواتنا، هذا النصر جعلنا في تماس مع العدو في منطقة بها تحصينات وسواتر جيدة ستحقق لنا ميزة جديدة على عكس تمركزنا الأول الذي كان مكشوف من عمارات حي العرب وسوق أمدرمان وبعض أحياء جنوب أمدرمان القديمة، بالإضافة لوجود مساحة مقابر البكري والتي كانت أكبر عائق لتقدم قواتنا.
▪️بعد المغرب دخلت آلياتنا لحفر الدفاعات معلنةً عهد جديد لتقدم وإنفتاج جديد توج لاحقاً بفتح سوق أمدرمان وإلتقاء جيش كرري بالمهندسين.
▪️بعد البدء في حفر الدفاعات المتقدمة في المسالمة وحي العرب دخلت مدرسة محمد حسين فإذا بي أجد جثامين مغطاة بعلم السودان، وحول الجثامين يقف عدد من الأخوان وهم في حالة حزن شديد، قلت ليهم الشهداء ديل منو قالو لي دا أحمد كرم الله وإبن عوف إنضربوا في المواجهة الغربية للمدرسة.
▪️كشفت وجوههم الطاهرة فشعرت بحزن عميق لفراق أعز الأخوان وأنقاهم وأرفعهم مكانة في نفوسنا، لكن هو حال المعارك ومهر النصر وهو الإصطفاء والشهادة لا يلقاها إلا ذو حظ عظيم.
▪️مضى الشيخ أحمد كرم الله ورفيقه محمد حسن بن عوف وهم يرفعون تمامهم شهداء مقبلين غير مدبرين، مضوا ليلحقوا بعمار الذي سبقهم بساعات، مضوا وكأنهم على موعد مع الحسناء التي طالما أنشدوا لها وقالوا فيها أجمل الحديث وأروع الأشعار:
📌حوريتي الحسناء حسناً يفوق خيالي.
📌أنا قد أجيء معفراً ممزق الأوصال.
📌رضوان يسأل من أنا وزمرة النزال.
📌فقولي عني منافحاً لا ترهبين نزالي.
▪️أصيب في هذه الملحمة البطولية عدد من الجرحى كما احتسبنا أخوان كرام أذكر منهم (النقيب أمن يس عمر، أسامة عبد الرافع، عبدو حامد باشري، صدام يوسف، محمد حسن شاويش) وغيرهم من الشهداء.
▪️هكذا مر علينا ١١/١١ بين نار ونصر وألم، فقد آلمنا فراق أحبة كانوا مصابيح الهدى وضيائه وكانوا إذا إحتدم الدجى أقمار، نسأل الله تعالى لهم الرحمة والمغفرة وأعالي الجنان، وأن ينصرنا على المرتزقة والمجرمين.
▪️#متحرك_أسود_العرين_سركاب.
▪️#سلامي_للأوفياء_إذا_عاهدوا.