تقرير- سودانيون ميديا
بدأت الصين طريقها إلى أفريقيا السمراء عبر السودان منذ عصور بعيدة، أتت من الشرق البعيد تتوغل غربا وجنوبا الى قارة تكاد تكون مجهولة لأغلب مثقفيها، كانت الصين تحمل معها خبراتها الصناعية والتجارية والعسكرية لتتخذ السودان على الساحل الغربي للبحر الأحمر مدخلا ضروريا لها الى دول افريقيا، فالسودان وما يتميز به من موقع جغرافي يربط بين شرق القارة وغربها وعلاقته الاجتماعية مع شعوب افريقيا تجعله رقما لا يمكن تجاوزه وهذا ماركزت عليه الصين منذ وقت بعيد، خاصة وأنها وجدت سوقا ناشئا وارضا بكرا وموارد تحتضنها الارض بكميات وفيرة.
السودان هو الاخر وجد ضالته في الصين، فالحصار الغربي والحرب الاقتصادية المفروضة عليه جعلته يتجه شرقا الى الشركات الصينية فكانت الشراكة في مجال النفط والتعدين وبقية الصناعات واستيراد كل ما هو مطلوب، فكانت واحدة من اميز الشراكات في العصر الحديث.
عدم الوفاء
بعد سقوط حكومة الإنقاذ بقيادة الرئيس السابق عمر البشير وتكوين حكومة عبد الله حمدوك اعيدت للاذهان شعارات ما بعد حكومة الراحل جعفر نميري، حيث رفعت الاحزاب حينها شعارات بضرورة ازالة اثار مايو حتى اصبحت تحكى كثيرا من الطرف في عالم السياسة عن تلك الفترة حيث قال احدهم ساخرا يجب ان نزيل قاعة الصداقة لانها منحة صينية لحكومة مايو، وبذات النهج اعلنت حكومة حمدوك اجراءاتها لمحاربة كل ماله علاقة بالحكومة السابقة لتجد الشركات الصينية العاملة في السودان نفسها امام حرب من نوع خاص، بل اإ بعض مديري الشركات الصينية وجدوا انفسهم داخل السجون بلا تهمة غير انهم تعاملوا مع الحكومة السابقة، هذا الامر جعل الصين تتخذ موقفا مغايرا من السودان بل انسحبت اغلب شركاتها المهمة وذهبت لدول اخرى وبدأت استثمارات في مجالات عديدة.
الصين ترفض
في الفترة ما بين 2019 الى 2021 رفضت الصين التعامل مع السودان في كل المجالات، حيث طلب السودان بعض المعينات الخاصة بالجيش من الصين حينها ولكن الشركات الصينية رفضت التعاون وبررت رفضها بضرورة ان يدفع السودان كل الديون السابقة، هذا الموقف المتشدد جاء بسبب موقف حكومة حمدوك التي تفضل التعامل مع الغربيين، ما جعل الحكومة السودانية تبحث عن دول اخرى بديلة ولكن وجدت صعوبات كثيرة بسبب العقوبات الغربية واختلاف الاسعار وغيرها من الموانع.
عودة البرهان
عمل رئيس مجلس السيادة، القائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان من قبل ملحقا عسكريا في الصين حيث تمكن من معرفة المجتمع الصيني وطريقة تفكيره ما سهل عليه عملية التواصل بينه والجهات الرسمية، لذلك اخذت زيارته الاخيرة لبكين للمشاركة في المنتدى الصيني الأفريقي خصوصية لدى بكين حيث تم الاحتفاء به بطريقة خاصة بل كان ينظر له باعتباره نجم المنتدى، حيث كان فاعلا على المستوى الشعبي والرسمي الامر الذي فرض سؤالا كبيرا لماذا الاحتفاء الصيني بالبرهان دون غيره؟
اكتشاف الخطأ
الكاتب الصحفي والمحلل السياسي يوسف عبد المنان يجيب على السؤال قائلاً: الصين تسعى الان إلى العودة للاستثمار في السودان مرة اخرى بعد ان اكتشفت خطأ تقديرها في السابق بربط المضي في العلاقات الاستثمارية والتجارية بسداد متأخرات الديون.
وأضاف: الان ادركت ان سداد الديون لن يتحقق الا بتعاون اقتصادي مع السودان باعتباره بلدا واعدا في المستقبل.
وأشار يوسف الى ان الصين لديها مصالح كبيرة في السودان رغم ان اولوية حكومة ما بعد البشير كانت الاتجاه غربا ولكن الان الفريق البرهان ادرك هو الاخر كرجل دولة ان مصلحة بلاده ومصلحته هو كرئيس الاتجاه والانفتاح شرقا مع الصين والهند.
علاقة قديمة
استاذ التاريخ والكاتب د. عبد الرحيم عمر محيي الدين قال ان العلاقة مع الصين قديمة ولكن تطورها الفعلي بدأ مع د. حسن الترابي الامين العام للجبهة الاسلامية قبل حكومة الإنقاذ حيث انتبه مبكرا لضرورة التوجه شرقا، وكان الترابي يرى حينها ان اي تغيير في السودان سوف يجد مقاومة ومؤامرة غربية فلا بد من فتح جبهة مختلفة لان نميري والحكومات التي سبقته والتي تلته كان توجهها غربياً ولم يفكروا في علاقة مع المعسكر الاشتراكي الروسي او الصيني خاصة بعد ان اغلقت شيفرون ابار البترول والاعتقالات التي تمت للإسلاميين ايام حكومة نميري بعد زيارة بوش الاب للسودان، حيث كان حينها نائبا لرونالد ريغن.
وأضاف د. عبد الرحيم انه عندما وصلت الانقاذ للسلطة جاء الصينيون وبدأوا في استخراج البترول وحتى الشركات الماليزية التي عملت في السودان في الاصل صينية لان الصينيين يمثلون 40% من سكان ماليزيا ويتحكمون في الاقتصاد بصورة كبيرة- هذا من ناحية الخلفية التاريخية، اما الوضع الحالي- حسب د. عبد الرحيم- فإن السودان يتعرض لمؤامرة كبيرة والحرب الحالية في الاصل تشنها الولايات المتحدة الامريكية على السودان حيث كان السفير الامريكي جون غودفري يتجول في كل اقاليم السودان وهو يخطط لهذه المؤامرة وعندما جلس مع الناظر دقلل ناظر البني عامر كان رأي الناظر دقلل اذا اردتم حلاً لمشاكل السودان اقيموا انتخابات ليقرر الشعب من يحكمه، فكان رده ان الانتخابات “بتجيب الاسلامين”. لذلك التوجه شرقا في الوقت الحالي في تقديري صحيح جدا يجب ان نصنع علاقات مع الصين وروسيا ومع تركيا وايران وان نحمي مصالحنا وهذا التوجه الجديد هو سبب الاحتفاء الصيني بالبرهان ووفده.
واوضح د. عبد الرحيم ان الشركات الصينية كانت محرومة من افريقيا لسنوات طويلة بامر الغرب لان الغربيين يريدون ان يسيطروا على موارد افريقيا من اجل رفاهية اوروبا وامريكا فقط، وان ياتوا بحكام يحمونهم بقواعدهم العسكرية حتى يضمنوا حماية مصالحهم، فالصين تؤسس لشراكات اقتصادية عادلة ولذلك يجب على البرهان ان يكون صادقا في علاقته مع الصين وهو بلا شك يفهم سر الاحتفاء والترحيب الذي وجده.
آخر الأخبار
كريمة تستضيف عمومية الاتحاد العام لكرة القدم
تشاد توافق على إيصال امتحانات الشهادة السودانية للطلاب اللاجئين
الملي شيا وحركة الحلو تكثفان التدوين على مواطني جبال النوبة
تفاصيل شحنة العتاد والسلاح التي استلمتها ملي شيا آل دقلو من سلطة أبوظبي عبر صدام حفتر
رئيس الوزراء يعين وزيري الدفاع والداخلية
ياسر محمد محمود... يكتب.. زلزال الملي شيـا القـادم
إبراهيم شقلاوي... يكتب..آن للسودان أن يرقص على رؤوس الأفاعي
أبشر الماحي الصائم... يكتب.. السيناريو الأقرب الي الحقيقة
ياسر الفادني... يكتب... ما اتعودت أخاف من قبلك.... إلا معاك حسيت بالخوف
ميسرة جعفر... يكتب.. حرب إعادة الهيمنة وبسط السيطرة
البوست السابق
البوست القادم
قد يعجبك ايضا