محجوب فضل بدري يكتب: وين يا سعادتك!
– قبل عقدين من الزمان أو يزيد كتبتُ مقالا بهذا العنوان [وين يا سعادتك] وطالبتُ فيه بالاِستفادة من القادة الكبار والجنرالات العِظام، فى اِدارة مؤسسات الدولة المدنية بعد أن أدوا واجباتهم العسكرية وأحيلوا الى التقاعد، فالعسكرية خدمة مؤقتة ومحكومة بضوابط صارمة، كالحياة نفسها فهى كذلك مؤقتة ومحكومة بضوابط الشرع الحكيم، وقد (هيجتنى الذكرى)!! ما دفعنى لاعادة هذا العنوان، وذلك بمناسبة عقد قران الابن مصطفى عماد الدين، نجل سفير جمهورية السودان والمندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية بالقاهرة الفريق أول مهندس عماد الدين مصطفى عدوى، وجرت مراسم العقد بمسجد المشير طنطاوى، بحضور كبير ومميز معظمه من السودانيين المقيمين أو النازحين بمصر، وكان (جمعوناً) نادراً من الجنرالات لم أشهده فى وقت قريب، وكانت العبارة المفتاحية بينهم جميعاً هى [وين يا سعادتك!!] وكأنها سر الليل.
– الجنرالات ثروة قومية فقد استثمرت فيهم البلاد، وهم بلا ريب خلاصة الخلاصة، cream of the cream من دفعتهم التى تخرجت معهم، فمن المئات التى تتشكل منها الدفعة يصل منهم بالكاد بعدد أصابع اليد الواحدة الى رتبة الفريق General والجنرال مثل حامل الدكتوراة فى الطب أو الهندسة وغيرهما من العلوم الانسانية لا تذهب عنه هذه الصفة مهما بلغ من العمر أو تقاعد على المعاش، فكما انه لا يوجد دكتور معاش، أو مهندس معاش، فلا يوجد فريق معاش.
وين يا سعادتك وين يا سعادتك كانت تتردد فى أنحاء القاعة الفسيحة بمسجد المشير طنطاوى، وكأننا فى مسجد النور أو مسجد الشهيد أو مسجد النيلين، وجميعها بناها الجنرالات من لدن المشير نميرى وحتى المشير البشير، ولو كنتُ مكان البروفسير كامل الطيب ادريس عبد الحفيظ رئيس مجلس الوزراء والذى كان وكيل العريس بحضور الوفد الرفيع المرافق له، لأمرتُ طاقم الحراسة باغلاق القاعة ومنع الخروج ولعقدتُ اجتماعاً طارئاً، ولاخترتُ من الحاضرين مجلس وزراء كامل الدسم، ودعمته بمجلس استشارى لجميع الوزارات، فى ساعة زمن، لكنه لم يفعل!!
كان الحفل مرتباً وأنيقاً ومنضبطاً ورصيناً ويتناسب مع ظروف بلادنا حيث اكتفى المضيف بتقديم الأسودين الماء والتمر، وكان الحضور من كل ألوان الطيف السياسى والاجتماعى والثقافى والأكاديمى الكل حضور (ما عدا القحاطة) ولا غرابة فالمكان مسجد وليس ملهى!!
– خالص التهانئ للعروسين وأهلهما، والتحية مع الانتباه للفريق أول مهندس عماد عدوى سفيرنا فى مصر، وأقول له مبروك ولن أداعبه وأقول له عقبالك فأنا أحتفظ بصور زواجه فى الحصاحيصا سبعينيات القرن الماضى.
(وأكتموها عنى) فقد ودعتُ الملاعب وأكتفيت بتشجيع اللعبة الحلوة فلن أتمنى أن أكون العريس.
ولا نامت أعين الشامتين!!
بارك الله للعروسين وجمع بينهما فى خير.