سودانيون

نايلة علي محمد الخليفة تكتب.. زاوية خاصة: مولانا د. عبد الله درف.. عدالة لا تعرف المحاباة

زاوية خاصة

نايلة علي محمد الخليفة

مولانا د. عبد الله درف.. عدالة لا تعرف المحاباة

في لحظة فارقة من تاريخ السودان ، ومع الإعلان الجزئي عن تشكيل حكومة الدكتور كامل إدريس، جاء اسم مولانا د. عبد الله درف مُحبراً بوزير العدل، ليحظى الخبر بترحيب واسع داخل الأوساط العدلية والقانونية، لما يتمتع به الرجل من سمعة ناصعة وكفاءة مشهودة في ساحات المحاكم، حيث درج على تمثيل العدالة بصوت عالٍ، لا يعلو فوقه ولاء، ولا يُرهبه ذا منصب.

مولانا درف ليس دخيلاً على ساحة العدالة، ولا ممن أتوا إلى المناصب عبر بوابة الولاء السياسي أو المحاصصة، بل هو ابن الميدان القانوني الأصيل، تشهد له قاعات المحاكم، وجلسات التقاضي ، ومرافعاته التي طالما أعادت الحقوق لأهلها ، وفرضت هيبة القانون حتى على من اعتقدوا أنهم فوقه.

مع ذلك لم يسلم الرجل من محاولات النيل منه ، منذ اللحظة الأولى لإعلان اسمه وزيراً للعدل ، حيث بادر بعض المشككين والخصوم السياسيين إلى النبش في أرشيف عمله كمحامٍ ، وسارعوا إلى الترويج لكونه أحد أعضاء هيئة الدفاع عن متهمي انقلاب الثلاثين من يونيو ، وخصوصاً عن الفريق أول بكري حسن صالح ، نائب الرئيس الأسبق، وكأنّ دفاعه القانوني عن موكلٍ يُعد جريمة أو مساساً باستقلاليته.

لكن ما تجاهله هؤلاء أو تغافلوا عنه عمداً أن مولانا درف ، كغيره من المحامين الشرفاء ، يُمارس مهنة الدفاع بميزان القانون ، لا بميزان الأهواء السياسية ، فالمحامي وفقًا للقانون السوداني ، والمبادئ العالمية ، له حق الدفاع عن أي متهم ، أيا كانت خلفيته أو التهم الموجهة إليه ، ما دام لم يخالف مقتضيات الشرف المهني.

ولو أن أحد الذين طعنوا فيه أو شككوا في نزاهته ، استدعاه يوماً للدفاع عنه في قضية ، لما تردد مولانا درف لحظة في تولي المهمة بنفس المهنية والجدية ، لأنه لا يُجامل في القانون ، ولا يخضع لتأثير الميول والانتماءات ، وهذه حقيقة يدركها كل من تعامل معه في ساحات القضاء.

ولعل من أبرز المواقف التي تُروى له ، تلك التي وقعت خلال إحدى جلسات لجنة إزالة التمكين ، حينما وقف وجدي صالح وقال بتحدٍ “نحن بنعرف القانون وعندنا دريبات.” ، فجاء رد مولانا درف حاسماً وقانونياً بامتياز “القانون واضح ، ما فيهو دريبات.” وهو رد لم يحمل فقط ثقة رجل القانون ، بل كشف زيف محاولات تطويع القانون أو اللعب على ثغراته ، مؤكداً أن العدل لا يُدار بالمزاج ، بل بالنصوص الصريحة التي لا تقبل الالتواء.

اليوم ، مع تعيينه وزيراً للعدل ، فإن السودان يخطو خطوة مهمة نحو إصلاح المنظومة العدلية ، لا عبر الشعارات ، بل عبر اختيار رجال مشهود لهم بالنزاهة والخبرة ، فمولانا درف لا يحتاج إلى أضواء الإعلام لتبييض سجله ، لأن صفحاته في سجل العدالة ناصعة ، والخصومة معه ليست إلا خصومة مع الحق .

إنه يمثل حالة فريدة من الصدق المهني ، والقوة الهادئة ، التي لا تجهر كثيراً ولكنها تُحدث أثراً عميقاً في مسار العدالة، وهو على عكس من تصدروا المشهد سابقاً لا يلهث وراء مكسب سياسي، بل يعمل وفق قاعدة “العدل أساس الحكم.”

ولنا أن نفاخر ، كسودانيين ، بوجود أمثال مولانا د. عبدالله درف في مفاصل الدولة ، لأنه يمثل تياراً من الرجال الذين لم تفسدهم السياسة ، ولم ترهبهم المناصب ، ولم تغرهم الكراسي.

وفي الوقت الذي يراهن فيه البعض ، على تفكيك ما تبقى من الثقة ، بين المواطن والمؤسسات العدلية ، يظهر أمثال درف ليقولوا بلسان الحال العدالة بخير ، ما دامت في يد من يعرف القانون ويحترمه… لنا عودة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.