سودانيون

عمار العركـي… يكتب.. الطريــق إلـى أديـس يبدأ من دارفور… فهل يتحـرك رأس الدولـة قبـل فـوات الفرصـة؟ 

عمار العركـي… يكتب.. الطريــق إلـى أديـس يبدأ من دارفور… فهل يتحـرك رأس الدولـة قبـل فـوات الفرصـة؟

 

 

في خطوة تعكس تنامي الاهتمام السوداني بأوضاع المواطنين في دول الجوار، عقد السفير الزين إبراهيم حسين، سفير السودان لدى إثيوبيا والمندوب الدائم لدى الاتحاد الأفريقي، اجتماعًا مع السيدة حبيبتو واني فال، رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة (IOM) في إثيوبيا، وذلك يوم الجمعة، بحضور السفير الحافظ عيسى، نائب رئيس البعثة، والمستشار هيثم الزاكي.

*_اللقاء تناول الأوضاع المتصلة باللاجئين_*

السودانيين الذين نزحوا إلى إثيوبيا جراء الحرب، وبحث الدعم الذي تقدمه المنظمة الدولية للهجرة لضمان حركتهم الآمنة، وتوفير المساعدة الإنسانية والخدمات الأساسية.

السفير الزين أكد على ضرورة التنسيق المشترك بين الجانبين الدبلوماسي والإنساني، بما يضمن حصول المتضررين على ما يحتاجونه من دعم، داعيًا إلى تعزيز التعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمنظمات الشريكة، لتكثيف جهود الحماية والدعم اللوجستي، والمساعدة في ترتيبات العودة الطوعية.

وأشار السفير إلى أن ولايتي النيل الأزرق والقضارف بدأتا تشهدان عودة تدريجية لأعداد من اللاجئين بعد تحسن الأوضاع الأمنية وبدء المواطنين في استعادة نمط حياتهم الطبيعي في الزراعة والرعي والتجارة، تحت إشراف السلطات المحلية في الولايات الحدودية.

*_ما بعد التحرك القنصلي… ضرورة التحرك السيادي_*

في ظل هذه الخطوات الدبلوماسية والإنسانية المتسارعة التي تقودها السفارة السودانية في أديس أبابا، يبرز سؤال استراتيجي مهم: هل يكفي التحرك القنصلي والإداري لإعادة صياغة العلاقة مع إثيوبيا وضبط ملفات اللاجئين والمهاجرين والحدود؟

الإجابة الواقعية تشير إلى الحاجة الملحة لتحرك دبلوماسي سيادي عالي المستوى، بقيادة رئيس الوزراء نفسه، نحو العاصمة الإثيوبية، في زيارة رسمية تحمل رسائل سياسية مباشرة، وترمم ما تراكم من توترات، وتضع العلاقة في مسار جديد من التعاون العملي والبناء، خصوصًا في ظل التقاط إثيوبيا بدورها إشارات التحول السوداني، والاستعداد للتفاعل معها في ملفات حساسة كقضايا النزوح والتجارة والأمن الحدودي.

الربط مع الداخل: دارفور وإثيوبيا… نهج إنساني متماسك

 

لا يمكن فصل هذا التحرك عن سياقه الوطني الأوسع، لا سيما في ظل إعلان السودان مؤخرًا قبول طلب الأمين العام للأمم المتحدة بإقرار هدنة إنسانية في دارفور لمدة أسبوع، استجابة للوضع الإنساني المتدهور في الفاشر ومناطق أخرى.

هذا الانفتاح الإنساني المزدوج – داخليًا وخارجيًا – يمثل تحولًا لافتًا في النهج الرسمي، ويعكس رغبة السودان في إعادة تقديم نفسه كدولة مسؤولة، رغم التحديات، تتجاوب مع مقتضيات الواقع، وتنسق مع المجتمع الدولي بمقاربة واقعية وتشاركية.

*كما أن تدشين مركز الجوازات السوداني في أديس أبابا خلال الأسبوع الماضي، لم يكن إجراءً إداريًا فقط، بل رسالة سيادية واضحة في تنظيم وجود المواطنين، و تسهيل حركتهم، ودعم العودة الطوعية، وتحفيز الشراكات مع المنظمات الدولية، وهو ما يندرج ضمن نهج متكامل بدأت ملامحه تتضح.

خلاصــة القــول ومنتهــاه :

ما بين الهدنة الإنسانية في دارفور، والتنسيق مع الهجرة الدولية في إثيوبيا، وتنظيم الجهود القنصلية والإدارية عبر مركز الجوازات، يتحرك السودان في مسار واعد يعيد الاعتبار للدور الإنساني والسيادي في آنٍ واحد.

لكن هذه الخطوات، على أهميتها، تظل ناقصة من دون تحرك دبلوماسي سيادي رفيع يقوده رئيس الوزراء نحو إثيوبيا، لتتويج هذا الجهد الميداني برسائل سياسية عليا، تعيد بناء الثقة مع الجارة الشرقية، وتؤسس لتعاون شامل ومستقر في ملفات الحدود، واللاجئين، والتبادل الاقتصادي.

فاللحظة تفرض انتقال السودان من الإشارات الإيجابية إلى المبادرات الكبرى، ومن التحرك الفني إلى القرار السياسي، بما يؤكد جديته في إدارة علاقاته الإقليمية بكفاءة ومسؤولية، ويعزز حضوره الفاعل في محيطه الحيوي المضطرب..

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.