سودانيون

عمار العركي… يكتب… حيـن تعتـرف نيروبـي ، و تـتسلل طائـرات أبوظـبي ، و تـتدخـل قوات حفتــر، و تصمـت الـقاهــرة : السُـودان يـواجـه نيـرانًا إقليميـة موجهـة… ونيرانًا داخليـة مْغلفـة بالصداقـة!

عمار العركي… يكتب… حيـن تعتـرف نيروبـي ، و تـتسلل طائـرات أبوظـبي ، و تـتدخـل قوات حفتــر، و تصمـت الـقاهــرة : السُـودان يـواجـه نيـرانًا إقليميـة موجهـة… ونيرانًا داخليـة مْغلفـة بالصداقـة!

 

الخرطوم تتحدث أخيرًا… والنيران “الصديقة” تسبق العدو

▪️في خضم الانشغال السياسي الداخلي المتسارع، والتسابق على اصطفافات وانقسامات لا تنتج إلا مزيدًا من التآكل الوطني، تطفو على السطح ممارسات لا تقل خطورة عن نيران العدو، بل تتجاوزها أحيانًا حين تأتي من الداخل تحت لافتة “النقد” أو “الحرص الوطني”. حملات التشكيك والتجريم التي تستهدف القوات المشتركة – التي باتت الذراع الميدانية الصلبة ل الجيش السوداني في دارفور وسواها – ليست سوى نيران “صديقة” في ظاهرها، لكن مضمونها لا يختلف عن أهداف الملي شيا الإرهابية، إذ تسعى لتفكيك جبهة الانتصار من الداخل، في اللحظة التي تتلقى فيها المليشيا ضربات في العمق، لا سيما في المثلث الحدودي وولايات الغرب.*ليسوا وسطاء بل متورطون: نزع أقنعة “الحياد” عن نيروبي وأبوظبي!*

▪️في هذا السياق، وبتاريخ ١٧ يونيو الجاري، تناولنا في مقالنا التحليلي الموسوم بـ (الدعم الكيني والسلاح الإماراتي.. فضيحة توريد الذخائر والتحرك المطلوب) معطيات الواقع المتكشّف عن دعم إقليمي ممنهج للمليشيا، وطالبنا بوضوح بضرورة إصدار بيان سيادي عاجل، والتحرك الدبلوماسي والقانوني لوقف هذا التدخل الخطير في شؤون السودان، ولتحميل الجهات المتورطة المسؤولية الكاملة.

*بيان الخارجية يكشف: الدعم الكيني لمليشيا الجنجويد لم يعد سرًا… بل موقّعًا من وزارة الدفاع!*

▪️ولم تمضِ سوى أيام قليلة، حتى صدر بيان وزارة الخارجية السودانية في ٢٣ يونيو ٢٠٢٥م، مؤكدًا صحة ما أشرنا إليه، وكاشفًا – ولأول مرة بشكل رسمي وصريح – عن حجم التدخل الإقليمي المنظم، الذي يبدأ من نيروبي ولا ينتهي عند مطارات تشاد، مرورًا بطائرات أبوظبي وقوات حفتر.

*صناديق ذخيرة كينية وطائرات إماراتية… وخريطة توريد تمر عبر نيروبي وأم جرس والعوينات!*

▪️لم تعد المسألة تدور حول اتهامات متداولة في الأوساط الإعلامية، بل أصبحت مدعومة بإقرار علني من كينيا نفسها، إلى جانب أدلة ميدانية موثقة، تكشف عن منظومة دعم لوجستي وعسكري متكاملة. إذ كشفت التحقيقات المشتركة بين منصة Bellingcat وصحيفة Daily Nation الكينية أن صناديق ذخيرة تابعة لوزارة الدفاع الكينية تم العثور عليها في مخازن كانت تستخدمها المليشيا في منطقة الصالحة جنوب أم درمان، ما يؤكد أن الأمر لا يتعلق بتسريبات عشوائية، بل بشحنات رسمية تدخل السودان وفق عقود وأذونات واضحة، ما يطرح سؤالًا جوهريًا: هل نحن أمام حرب بالوكالة تُدار من عواصم إقليمية؟

▪️وفي موازاة ذلك، تواصلت حركة طائرات الشحن الإماراتية إلى مطار أمدجراس التشادي، في واحدة من أكبر عمليات الإمداد العسكري الجوي على مستوى القارة. الدعم الإماراتي لم يعد مجرد شبهة تمويل، بل عملية عسكرية منظمة تشي بمشروع سياسي كامل، يستخدم السلاح لإعادة رسم الخرائط على حساب وحدة السودان.

▪️كما رُصدت تحركات ميدانية لقوات موالية لحفتر عبر العوينات، ما يجعل المشهد أكثر وضوحًا: كينيا تمرر، الإمارات تجهّز، وحفتر يزج بعناصره. لسنا أمام تقاطعات مصالح عابرة، بل أمام محور إقليمي تحالفي يستهدف السودان جغرافيًا وسياسيًا.

*التحالف الإقليمي ضد السودان… من الدعم اللوجستي إلى شرعنة الانقسام!*

▪️وفي منحى أكثر خطورة، لم يكتفِ المتحدث باسم الحكومة الكينية بمحاولة التنصل من الدور المفضوح، بل ذهب إلى الترويج السياسي الصريح للمليشيا، بوصف الكيان الموازي الذي أعلنته بـ”حكومة السلام”! وهو توصيف لا يمثل زلة لسان دبلوماسية، بل محاولة مبيتة لشرعنة الانقلاب على الدولة، في تحدٍ فاضح لمواقف الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومجلس السلم والأمن الإفريقي، التي أدانت إعلان المليشيا واعتبرته باطلاً ومهددًا لوحدة السودان.

*“حكومة السلام” المزعومة: كينيا تروّج للانقلاب على الدولة السودانية باسم المصالحة!*

▪️هذا التصريح لم يأتِ بمعزل عن السياق الميداني، بل جاء ضمن محاولات إعادة تدوير المليشيا كـ”طرف سياسي”، في تجاهل صارخ للجرائم المرتكبة، والموقف الإقليمي والدولي الرافض لمشاريع التقسيم، ومؤامرات الشرعنة الإعلامية والسياسية.

*الخارجية السودانية: نطالب المجتمع الدولي بمعاملة المليشيا كما عوملت داعش وبوكو حرام*

▪️ولذا، جاء البيان السوداني بلغة مباشرة وواضحة، داعيًا إلى تعامل دولي حاسم مع المليشيا، باعتبارها تنظيمًا إرهابيًا لا يختلف في سلوكه وجرائمه عن داعش وبوكو حرام والشباب. وهي دعوة ليست للاستهلاك السياسي، بل للتأكيد على أن ما يواجهه السودان اليوم هو إرهاب منظم تديره جهات إقليمية ويُموَّل ويُشرعن بطريقة لم تعد خافية.

*في مواجهة محور التقسيم.. السودان بحاجة إلى بيان داخلي أقوى من بيان الخارجية!*

▪️لكن الحرب على السودان لم تعد تُخاض بالذخائر فقط… إنها تُدار أيضًا بالإعلام، والتمويل، والشرعية الزائفة. ولهذا، فإن مواجهة هذا المشروع تبدأ من تحصين الجبهة الداخلية، والاعتراف بدور كل بندقية قاتلت، وكل جهد ميداني صدق، وكل صف وطني ظل ثابتًا على الموقف والمبدأ.

*الشرعية الوطنية في مرمى السلاح… والإعلام الإقليمي يروّج للفتنة!*

▪️إن خطر “النيران الداخلية المغلفة بالصداقة” لا يقل عن خطر الطائرات المسيّرة التي تضرب المدن. لأن تجريم الشركاء الوطنيين، وفصل الصف الميداني عن السياسي، هو خدمة مجانية للمليشيا، وهدية للمحور المتآمر، مهما اتخذت من شعارات “النقد البناء” أو “المدنية”.

*خـــلاصــة الـقــــول ومـنـتـهـــاه :

▪️المعركة لم تعد عسكرية فقط… بل صراع على هوية الدولة وقرارها المستقل! تعترف نيروبي، وتنكشف فيها طرق الإمداد والتواطؤ، فإن الرد السوداني يجب أن يكون أكبر من بيان. يجب أن يكون مشروعًا استراتيجيًا لتحرير القرار السوداني من الرهانات الإقليمية، وأن يُخاطب العالم بلغة الحقائق والمصالح، وأن يكسر حصار السودان سياسيًا كما كسرته قواته عسكريًا.

▪️السودان لا يواجه مليشيا منفلتة فقط، بل يواجه مشروعًا متكاملاً لإعادة إنتاج نموذج الدول الفاشلة، والمطلوب ليس فقط كشف هذا المشروع، بل إغلاق منافذه من الداخل، قبل أن ينفذ من الخارج.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.