سودانيون

نايلة علي محمد الخليفة..تكتب ..زاوية خاصة.. صُنّاع النصر وكتّاب التاريخ

بينما ينشغل الجميع بجدل تعيين الدكتور كامل إدريس رئيساً للوزراء، بين مؤيد يرى فيه المخلِّص المنتظر، ومعارض ينبش في ماضيه باحثاً عن العثرات، وبين من يُعدِّد مزاياه ويمنِّي النفس بعهده، هناك رجال آخرون، بعيداً عن ضجيج السياسة، يصنعون الفرق في صمت، صنعوا النصر وكتبوا التاريخ في مسارح العمليات، وفيما تبقّى من جيوب بولاية الخرطوم. رجال يق اتلون ببسالة، يحققون الانتصارات على ملي شيا التم رد، ويزرعون الفرح في قلوب أرهقتها الح ر ب .

فيما يتصارع الساسة على الكراسي، من يحكم ومن يأتي، ومن يستحق حكم السودان، هناك رجال قدّموا أرواحهم رخيصة دفاعاً عن الأرض والعِرض، رافضين اختطاف الدولة بواسطة ملي شيا مدعومة خارجياً، تسعى لتركيع السودان ونهب ثرواته. تحاول تلك الملي شيا، مدفوعة برغبة إماراتية جامحة، أن تفرض جناحها السياسي “الحرية والتغيير” كأمر واقع، لكن رجال الميدان لهم رأي آخر .

هؤلاء الأسود، الذين يزأرون في ساحات الق تال، خرجوا من بيوتهم وهم يعلمون أن الطريق محفوف بالموت، وأن الخيارات محصورة بين الشهادة أو النصر. فإن نالوا الأولى، فازوا، وإن نالوا الثانية، فازوا وكتبوا لأنفسهم وللتاريخ فصلاً جديداً من فصول الفداء. رجال وقفوا في وجه أكبر مخطط إقليمي لتفتيت السودان، وسيكونون الرقم الصعب في معادلة ما بعد الح ر ب.

سودان ما بعد 15 أبريل لن يركع لأحزاب سياسية اختارت السلامة وغادرت البلاد، بعدما أشعلت الملي شيا نيران ح ر بها لفشل خطتها الأولى في الانقلاب، مستهدفة اغتيال قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ظناً منها أن الخطة الخاطفة ستنجح في شلّ قيادة الدولة وفرض الأمر الواقع وحكم السودان.

فمشهد تكالب الساسة على الحكم يذكرنا بأيام الثورة المهدية عندما نستدعي التاريخ، حين غاب بعض الزعماء عن ساحة المواجهة، وتركوا الأمر للمهدي وأنصاره في كرري وأم دبيكرات، فإن التاريخ يعيد نفسه. حينها، كانت الكلمة للأرض، ولمن حمل السلاح بإيمان، لا لمن جلس يتفاوض في المكاتب ، لينا حصته من كيكة السلطة ، واليوم كذلك ، الكلمة للرجال الذين لا يشغلهم سوى سحق الملي شيا واقتلاع خطرها. أما ما تبقّى من تحديات، فهو في أعينهم أمر مقدور عليه .

الرجال الذين يحملون البندقية اليوم، سيحملون راية القرار غداً، لأنهم هم من دفعوا ثمن الوطن، وهم من حموه حين عزّ النصير… لنا عودة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.