سودانيون

استعاد مدني وسنار وسنجة وبحري وأحكم الخناق على الخرطوم: (الجيش بين رمضانيْن).. سيطرة وتضحياتٌ

تقرير- محمد جمال قندول

يهل اليوم شهر رمضان المبارك هذا العام، وقد جرت مياهٌ كثيرة تحت جسر الحرب في السودان، وما بين الشهر الكريم من العام الماضي واليوم تغير المشهد عسكريًا وتنفيذيًا.

في سبتمبر 2024 عبرت القوات المسلحة الجسور الثلاثة..

التقاء الجيوش

ففي رمضان الفائت، كانت ميليشيات الدعم السريع قد توغلت إلى وسط ولاية الجزيرة، بعد أن سيطرت على مدينة مدني عاصمة الولاية في ديسمبر 2023، وأحكمت خناقها على ولاية سنار باحتلال سنجة وجبل موية.

وفي الخرطوم، كانت موجودة في أغلب المناطق الحاكمة في بحري والخرطوم وشرق النيل.

أما رمضان هذا العام، يهل على أهل السودان وقد اكتست القوات المسلحة بلباس النصر الزاهي، منذ إعلان وثبتها الكبرى في سبتمبر 2024، فيما عرف بعبور الجسور الثلاثة، وانتصرت القوات المسلحة والعمل الخاص في جبل موية ونجحت في كسر عظم الميليشيا باصطياد قياداتها الميدانية، فتحت القوات المسلحة الطريق من شرق الجزيرة إلى غربها واستعادت ود مدني، وقبلها سنجة والدندر ومئات القرى في ولاية الجزيرة.

كسرت عظم الميليشيا باصطياد قادتها في جبل موية..

أيضًا، يهل رمضان هذا العام، وقد اكتملت لوحة الفرح بتحرير بحري، والتقاء جيوش أم درمان مع الإشارة، وفك حصار القيادة العامة، وكان النصر الكبير بفتح الطريق إلى الأبيض.

حمل رمضان هذا العام البشريات بتحقيق النصر الأكبر وطرد الميليشيا التي لم يتبق منها إلّا القليل، ولن يطوي الشهر الكريم أيامه إلّا وتكون الخرطوم وولايات الوسط خاليةً من الجنجويد.

على المستوى السياسي، حدثت خلال هذا العام تحولات مهمة، حيث عدلت الوثيقة الدستورية وتمت إجازتها في الاجتماع المشترك للسيادي والوزراء، كما قامت الحكومة بطرح رؤيتها للحل السياسي عن طريق الحوار السوداني السوداني الذي لا يستثني أحدًا، مع اعتماد فترة تأسيس انتقالية تقودها حكومة تكنوقراط. ومن المتوقع أن يكمل شهر رمضان هذا العام أيامه، وقد أعلنت حكومة تكنوقراط تقود هذه المرحلة.

بين عامٍ وعام، يمضي السودان لتحقيق استقراره وهو يكتب نهايات الحرب بالانتصار على الجنجويد، إضافة إلى رسم خارطة سياسية جديدة تسهم في استقرار السودان، ولا ننسى كذلك ما تحقق على صعيد الاقتصاد رغم فواجع الحرب وخساراتها، حيث حقق السودان نجاحاتٍ كبيرة وزيادةٍ غير مسبوقة في إنتاج الذهب، كما وقع على العديد من الاتفاقيات والشراكات مع دول ذات تجربة لعمليات إعادة الإعمار.

تعديل الوثيقة الدستورية وطرح رؤية (الحوار السوداني سوداني)..

مشهدٌ مغاير

ويقول الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي د. عمار العركي إنّه رغم انطلاق الحرب وميزان القوة يميل لصالح الميليشيا، وسط إدراك متزايد بأن المواجهة ليست عسكرية فقط، بل تتعلق بمصير الدولة نفسها. وبين رمضانين، أدرك السودانيون أن الحرب فرضت واقعًا جديدًا، وأن تجاوز الأزمة يحتاج إلى رؤية استراتيجية تتجاوز الحسابات الواقعية.

ويضيف العركي أنّ شهر رمضان يهل هذا العام ونحن نستذكر كيف كان السودان قبل عامين، حين دخل رمضان 2023 وهو على أعتاب حرب مدمرة سرعان ما اجتاحت العاصمة ومدنٍ أخرى، محدثةً تحولاتٍ عميقة في المشهد السياسي والعسكري والإنساني. اليوم، وبينما نستقبل رمضان 2025، تغير ميزان القوى، واتضحت معالم الصراع، لترجح كفة الجيش والشعب في مواجهة خطر التفكك الذي بدا وشيكًا قبل عامين.

يواصل د. عمار العركي ويستشهد برمضان 2023، كانت الحرب في بدايتها، مستندة إلى مفاجأة استراتيجية استهدفت بنية الدولة، حيث حاولت الميليشيا فرض واقع جديد بالقوة، مستغلةً تفكك الجبهة الداخلية وضعف الاستعداد السياسي والعسكري. لكن خلال عامين من المواجهة، استطاع الجيش امتصاص الصدمة، وإعادة تنظيم صفوفه، بينما تشكّل وعي شعبي صلب أدرك أن المعركة ليست مجرد صراعٍ مسلح، بل حربٌ وجودية تهدد الدولة والمجتمع.

ويرى محدّثي أن رمضان 2025 يشهد مشهدًا مغايرًا، حيث بات الجيش أكثر تحكمًا بالميدان، وانهارت رهانات الميليشيا على الحسم السريع أو استنزاف الدولة، ولم يعد الفاعلون الإقليميون والدوليون يتعاملون مع الحرب بنفس التوازن السابق، حيث تزايدت الضغوط على الميليشيا، وبينما كان رمضان 2023 يحمل مخاطر الانهيار، يأتي رمضان 2025 حاملاً مؤشراتٍ أكثر وضوحًا لتجاوز مرحلة الخطر، مع تقدم الجيش في الميدان، وارتفاع الوعي الوطني، وتراجع قدرة الميليشيا على فرض واقعها بالقوة.

* نقلاً عن صحيفة (الكرامة)

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.