سودانيون

نايلة علي محمد الخليفة.. زاوية خاصة..الطريق إلى الإشارة والمصفاة

 

على طريقة السماكة كان لعجوز تسكن في مؤخرة الحي حفيد تعبت عليه وسهرت على رعايته والإعتناء به حتى شب عن الطوق فأبتعثته مع السماكة ليصطاد لها السمك الذي حُرمت منه بسبب قوانين أهل البلدة فكانوا يُحَرمون مرافقة النساء لأمكان صيد الأسماك تشاؤماً بهن وكذا الحال يُحرم عليهن شراؤه وأكله إن لم يكن لهن رجل يصطاد.

كانت العجوز تحسب ساعات النهار في إنتظار حفيدها لعله يدخل عليه بأطنان الأسماك وكذا تسهر ليلها فتمر الأيام يوماً يجر أخاه وشهراً ينادي صنوه وهي تنتظر فدخل عليها ذات ليلة وهي غاضبة تعاتبه على تأخره في رحلة الصيد فأجتهد الحفيد محاولاً شرح الموقف لجدته في مرابط الصيادين قائلاً (جدتي الأمر ليس بالسهولة التي تتحدثين عنها فلو كان كذلك لما إمتدت رحل الصيد لأيام وشهور واما أنا لست بالرجل الذي يرضى بالرخيص من الأسماك فجئتك بالصيد الثمين أسماك الهامور والقرش والسلمون والكومبير وكذلك الأصداف واللؤلو والمرجان والعقيق وغيرهما من الأحجار الكريمة)فتهلل وجه العجوز وارتسمت عليه شارات الفرح.

فياعزيزي المواطن قياساً على مع ركة الكرامة لا تستعجل النصر وكأن الأمر مضماراً للسباق والركض فالأمر ليس كما تظن ففي ساحات المع ركة أُسر وهبت أبنائها لله والوطن وفي كل شبر ومتر عدو يتربص بالمق اتلين يسكن العمارات الشاهقة كالقط الذي يتحين ظهور فريسته ولكن بتضحيات الشباب أستطاع الجنود على أرض المع ركة تحيد هذه القطط وإخراجها من حصونها بصدور عارية لا تهاب الم وت.

فالطريق إلى س لاح الإشارة وقلب مصفاة الجيلي ليس مفروشاً بالحرير ولا معبداً بأكاليل الورد والزهور ففي كل خطوة جريح وإلى كل موقع شه يد فالطريق إليهما تعبده الد ماء وثبات الرجال في الميدان ودعوات المخلصين وعلى شاكلة العجوز مع حفيدها فرمزية مصفاة الجيلي جعلت العدو يتحصن بها لدرجة الغرور والسخرية من وصول الجيش إليهم فأنطبق عليهم قول المولى عز وجل(هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ۚ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا ۖ وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ۚ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ).

فمصفاة الجيلي رغم حساسيتها بات الطريق إليها أقرب بعزم الرجال وتضحياتهم والصيد الثمين وقع في الشرك”صيد حفيد العجوز ولكن هذه المرة صيد صفوة الماهرية وسلالات المرت زقة من أجود السلالات أعراباً وعجم” فالقادم يحمل البشارات والبشريات فأبشروا يا أهل السودان…لنا عودة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.