اليوم دخلت بلادنا في ملحمة كبرى من ملاحم التحدي، التي كان قدرنا أن نسير بين اشواكها حفاة الأقدام، ملاحم فرض وجودنا، وبناء المستقبل، وتحطيم الرهانات الخاسرة على اضعافنا، ونزع هويتنا، ملحمة اليوم عمادها أبناءنا الطلاب، نصف الحاضر وكل المستقبل، وهم يسيرون مرفوعي الرؤوس، عالي الهامات، يحملون اقلامهم نحو مراكز امتحانات الشهادة السودانية، ليمهروا مدادهم على أوراق الامتحانات كما مهر آباؤهم واخوتهم دم اؤهم الذكية على تراب الوطن.
ملحمة اليوم لا تقل قدراً ولا أثراً عن ملحمة تحرير الإذاعة ذاكرة الأمة، ولا عن ملحمة تحرير جبل موية جبل الحضارة المركوز، ولا عن تحرير سنجة التاريخ، ولا عن التحام جيوش كرري والمهندسين، ولا عن اخت راق دفاعات المل يش يا في مقرن النيلين، ولا تقل عن صمود الفرسان في فاشر السلطان.
ملحمة اليوم سلاحها القلم بديلا عن البن دقية، هذا القلم الذي نفرض به ارادتنا، ونثبت به وجودنا، ونتحدى المتآمرين والخائرين المشككين في بقاء هذه الأمة، وقدرتها على النهوض بعد كل ملحمة وتحدي، فأكثر من ربع مليون طالب وطالبة داخل السودان وخارجه يسيرون جحافلا في وجه الح ر ب، وضيق ذات اليد، ليقرروا نيابة عن أهل السودان كافة أن المستقبل المشرق تصنعه التحديات العظيمة، والأبناء البررة، والعقول النيرة، تقودهم إرادة عظيمة رضعوها من امهات كريمات، وتربوا عليها من عرق آباء عظام، تحدوا الظروف واقتطعوا من اكبادهم مزعةً مباركة فداء للوطن العزيز، وجعل هؤلاء الطلاب من رفيقتهم شمس الحافظ نبراساً يهتدون به في ظلمات الظروف، وهي ووالدتها الفضلى يكابدان المشاق من ابشي التشادية إلى انجمينا إلى أديس أبابا إلى نهر النيل، حتى تنير شمس بضياءها ظلمات الواقع القاسي، وتشرق شمسها على روابينا قمحاً ووعداً وتمني.
حفظ الله أبناءنا وبناتنا الطلاب أينما كانوا، وشملهم بلطفه وعنايته، وايدهم بتوفيقه وسداده، ونصر جيشنا العظيم على اعداءه حيثما كانوا، واعاد لبلادنا أمنها واستقرارها، وكتب لها نهضة بين الأمم بسواعد بنيها وعقول طلابها، والشكر لكل أجهزة الدولة المدنية والعسكرية التي وقفت على تجهيزات الشهادة السودانية، والشكر لكل قطاعات المجتمع التي وفرت ما امكنها من معينات، والشكر لكل من وقف معنا من الدول الصديقة، والشعوب الشقيقة، في اجتياز هذا الامتحان، حتى ننهض من جديد .. نكفكف جراحنا .. ونشمر سواعد البناء .. ونبقى فوق هذه الأرض ..
وغداً نكون كما نود.