نايلة علي محمد الخليفة ..تكتب ..زاوية خاصة.. حكاية عثمان الضيف وتقدم
كان عثمان الضيف رجلاً مِحلافاً ، كثيراً ما يحلف بزوجته التي هي في رحم الغيب ، ولم يتعرف عليها بعد ولا على اسرتها ، وقد هجر بلدته إلى مدينة أخرى ، وأطلق عليه أهلها لقب الضيف ، لأنه ضيفا عليهم ، واستقر به المقام وسطهم ، فاوهمهم انه متزوج على ذمة إمرأة ، وله أطفال ، ومن وقت لآخر كان يزور بلدته ، فيمكث أياما ثم يعود ، فيسأله الأصحاب والزبائن عن أهل بيته واطفاله ، فيجيبهم بخير ويقرؤونكم السلام ، فعرضوا عليه أن يأتي بأسرته وتكفلوا له بالمسكن ، فرفض قائلا زوجتي ابنة ريف واطفالي كذلك ، وأخشى من المدينة أن تفسد أخلاقهم.
أصبح صاحبنا عثمان الضيف ذو مكانة بعلاقاته وسط أهل المدينة ، وكل الذي يعجبه ويقع في نفسه عند أصحابه ، يرمي عليه يمين الطلاق فيأخذه ، مخافة أن يقال ان فلاناً كان سببا في طلاق زوجة الضيف ، فيلاحقه العار ، استمر الحال هكذا وذات يوم قصد الضيف احد أقاربه ، وبينما كان مجلس الضيف عامراً ، جاء رجل من زبائنه ينتعل مركوباً نمرياً أصلي ، فأنتفض عثمان الضيف وقال لصاحب المركوب ، علي الطلاق بالتلاتة المركوب حقي ولا كلمة ، هاك السفنجة دي اتوصل بيها ، فقال له الزبون لولا خشيت أن تسير الركبان ، بأنني كنت سبباً في طلاق زوجتك لفعلتها ، فصاح قريبه في ذهول ودهشة ، (عثمان ها آزول عملتها كيف ، واتزوجت من وين وبت منو ، وليه داسي زواجك من اهلك)فبهت عثمان كالذي يتخبطه الشيطان من المس ، وبدأ يتلعثم في الكلام ، فأنتهت أسطورته وانفضح أمره ، وطرد من المدينة ذليلا مكسور الجناح ، فدفع ثمن كذبته أضعاف .
هكذا هي تقدم تلعب نفس دور عثمان الضيف ، جاءت كالممنوعات المهربة ، وفُرِضت فرضاً على الشعب السوداني ، فسرعان ما لفظها وركلها من حيث اتت ، وهناك مازالت تمارس عمالتها وإرتزاقها ، وتحاول جاهدة أن تعكس لمُخدِميها ، أنها الممثلة المدنية الوحيدة للشعب السوداني ، وبعد أن فشل مشروع الملي ش يا ، في الإستيلاء على السلطة بقوة الس لاح ، أصبحت تنتظر على الرصيف إنتصارات المرت زقة بقلوب تتراقص فرحاً ، أو جلوس الحكومة مع الملي ش يا ، على مائدة المفاوضات ، أملاً في العودة لسدة الحكم ، ولما هبت رياح إنتصارات الجيش ، وانقلبت الموازين ، صارت الأرض كخرم الإبرة في نظر التقدميين ، فهداهم تفكيرهم العقيم ، لتشكيل ماسمي بحكومة المنفى (المهم يحكموا) ، لا أرضاً يملكون ولا شعباً ولا قبول ، فالسؤال الذي يطرح نفسه هل يستطيع حمدوك وشلته ، أن تطأ أقدامهم أرض السودان ، هل يمتلكون شجاعة الإعتذار ، فيعتذروا للشعب السوداني ، عن الجرائم التي كانوا هم سبباً فيها ، حجلاً بحجل مع الجنجويد ، ستظل هذه الشلة منبوذة تطاردها اللعنات ، ذليلة كما عثمان الضيف ، لا يداً ترفعها فتصافح بكبرياء ، ولا عيناً تطرُف بها إلى السماء ، ولن يقبل بها مواطن ولو جاءت ، مكسورة تمشي على استحياء…لناعودة.