إبراهيم شقلاوي يكتب.. وجه الحقيقة: قمة مخيبة لآمال السودانيين
وجه الحقيقة
إبراهيم شقلاوي
قمة مخيبة لآمال السودانيين
اختتمت أمس الاثنين أعمال القمة العربية الإسلامية غير العادية في عاصمة المملكة العربية السعودية، الرياض برئاسة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، حيث ناقشت التطورات التي يشهدها قطاع غزة والعمليات العسكرية المتصاعدة في لبنان في ضوء العدوان الإسرائيلي الغاشم وما نجم عنه من تداعيات إنسانية ومن تهديد باتساع نطاق الصراع إلى حرب إقليمية.
مضت القمة في هذا الجانب بصورة جيدة، لكن فيما يخص مجريات الحرب في السودان فقد وصفت القمة بأنها مخيبة لآمال السودانيين حيث لم تُدرج قضية السودان ضمن أولويات التداول. كان السودانيون يتوقعون أن تحظى قضية الحرب في بلادهم التي تشنها مليشيا الدعم السريع بالاهتمام والتضامن من قبل الدول العربية والإسلامية خاصة بعد الانتهاكات الواسعة التي شهدتها الولايات التي دخلتها المليشيا، خصوصاً في الخرطوم ودارفور وولاية الجزيرة حيث ارتفع عدد القتلى في مدينة الهلالية والقرى المجاورة يوم انعقاد القمة إلى 350 من النساء والأطفال والعجزة جراء الحصار الذي تفرضه المليشيا على المدنيين إلى جانب إطلاق النار المباشر على السكان.
لكن كما يبدو أن تعيين وزير الخارجية السوداني علي يوسف الشريف الذي تزامن مع انعقاد القمة، قد كان له تأثيرا سلبيا على عدم التحضير الجيد من قبل الخارجية السودانية في الاجتماع الوزاري الذي سبق انعقاد القمة، حيث كان من المنتظر أن يتم إدراج أجندة متعلقة بالسودان لتسليط الضوء على قضية الحرب ومعاناة المدنيين او علي الأقل ضمن البيان الختامي الذي خلا من الاشارة للسودان. وبالتالي كان السودانيون يتوقعون تضامناً ودعماً من الدول العربية والإسلامية فيما يتعلق بالانتهاكات التي ترتكبها مليشيات الدعم السريع وتداعياتها على السلم والاستقرار في المنطقة.
على الرغم من هذا الإخفاق المخيب للآمال إلا أن خطاب رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان جاء وافيآ وقد حرص علي المشاركة رغم مأساة البلاد وفي ذلك رسالة جيدة في بريد القمة والعالم، حيث عبّر عن معاناة السودانيين وأشاد بدور المملكة العربية السعودية في دعم قضايا الأمة العربية والإسلامية وتأييدها للقضية الفلسطينية وعودة الجولان السوري. كما أكد على أهمية إدانة ممارسات مليشيا الدعم السريع التي تهدف إلى تدمير الدولة السودانية وتجويع وتشريد شعب السودان، في تحدٍ صارخ للقانون الدولي الإنساني والمواثيق والأعراف الدولية، وارتكاب جرائم أكثر خطورة من جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة ولبنان. كما أكد للقمة أن شعب السودان العظيم بتاريخه وحضارته وبدعم وعون أشقائه وأصدقائه قادر على الخروج إلى بر الأمان.
تعكس هذه القمة بالضرورة التزام الدول العربية والإسلامية بالبحث عن حلول شاملة ناجعة ومستدامة للأزمات في المنطقة، في إطار السعي لتحقيق السلام والعدالة وإنصاف الشعوب المتضررة وتقديم الدعم اللازم لها حتى تتمكن من النهوض.
لذلك كان ينتظر أن تعمل القمة على تحقيق اختراقات حقيقية لصالح السودانيين، إلى جانب استقرار المنطقة وتجنب الانزلاق في حرب إقليمية.
ولكن من الضروري بعد الآن أن تستمر جهود الخارجية السودانية في تنوير العالم عبر البعثات الدبلوماسية بمجريات الأحداث وتطورها في السودان. ذلك هو السبيل المهم لإيصال صوت السودان للمجتمع الدولي لمنع تدفق السلاح للمليشيا عبر الداعمين الإقليميين والدوليين، وأن يعملوا على تحقيق التضامن والتعاون مع الدول العربية والإسلامية لحل مشاكل السودان ولتحقيق السلام واستعادة الأمن ومجابهة التحديات.
أما على صعيد اللقاءات والمباحثات الثنائية كان أهم اجتماعات الرئيس عبد الفتاح البرهان مع ولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان على هامش القمة. قد بحث الاجتماع مسار العلاقات الثنائية بين السودان والمملكة العربية السعودية، ودعم آفاق التعاون المشترك بين البلدين، أطلع البرهان ولي العهد السعودي على تطورات الأوضاع في السودان، على خلفية تمرد مليشيا الدعم السريع على الدولة ومؤسساتها، وما نجم عنه من انتهاكات وفظائع في حق المدنيين، وتدمير المؤسسات والمنشآت الحيوية في البلاد. حيث أكد ولي العهد السعودي على وقوف المملكة بجانب السودان ودعمها لوحدتها وأمنها واستقرارها وسلامة أراضيها. وأكد على استعداد المملكة للمساعدة في إعادة بناء المؤسسات والمنشآت المتضررة ودعم الشعب السوداني في تحقيق الاستقرار والأمن.
بالنظر إلى هذا اللقاء، يظهر التزام كلا القائدين بتعزيز وتعميق العلاقات بين السودان والمملكة العربية السعودية ودعم الجهود الرامية لتحقيق السلام والاستقرار في السودان. ويعكس هذا الاجتماع الرغبة الحقيقية في تعزيز التعاون الثنائي وتحقيق المصالح المشتركة.
يرى مراقبون أن الاجتماع ربما بحث إمكانية العودة إلى منبر جدة، بالنظر إلى ما أكدته المملكة سابقاً من أن على الأطراف الالتزام بما تم الاتفاق عليه في 11 مايو من العام الماضي. لذلك، وحسب ما نراه من وجه الحقيقة من الضروري أن تعمل الحكومة السودانية في القريب العاجل على ترتيب أولوياتها وإدراج قضية السودان في المحافل الدولية، وفي القمم القادمة. كما عليها أن تواصل في إجراءات إدانة الدول الضالعة في تمويل المليشيا وإطالة أمد الحرب، وكذلك إدانة الأطراف التي تمثل إسناداً سياسياً وإعلامياً بما يبرر جرائمها ضد الشعب السوداني.
دمتم بخير وعافية.
الثلاثاء 12 نوفمبر 2024م