سودانيون

شذى الشيخ تكتب: هزني الشوق

شذى الشيخ تكتب: هزني الشوق
خطوط من أشعة الشمس الدافئة تسللت إليه عبر النافذة ففتح عينيه ونظر الى ساعة الحائط بجانبه يآه.. إنها الثامنة كيف اخذني النوم كل هذه المدة؟
نهض من مرقده ونظر من خلال النافذة كان اليوم مشرقاً جميلاً والسماء ما زالت بقايا السحب الممطرة عالقة بها بعد الاستحمام الساخن حمل اوراقه وأقلامه واتجه إلى حديقة منزله.
كانت الزهور متفتحة وشذاها يعطر المكان والندى يلمع عليها كالدرر والفراشات بالوانها الزاهية تتنقل من زهرة لأخرى.
والعصافير على تلك الشجيرات تغرد بموسيقى عذبة وبدأت اشجار (البان) في أطراف الحديقة كأنها تراقص شعاع الشمس طرباً بصوت العصافير وبدت تلك (القطة) التي تجلس بين الشجيرات كأنها تصغي لألحان العصافير.
أثاره ذلك المنظر فنظر الى الشمس بعين تشع بالفرح يآه… لقد ارجعه ذلك المنظر الى قريته التي ابتعد عنها كثيراً.
إنه يذكر جيداً ذلك اليوم الذي اعلن فيه والده الرحيل الى هذه المدينة عندما تم نقل عمله اليها.
كم جلس على شاطئ ذلك النهر بانتظار شروق الشمس انه يعشق شعاعها وهي تمتزج بالماء ويرحل بروحه الى تلك القرية كلما اشرقت الشمس، كم جلس فوق تلك التلال الرملية مع رفاقه يستمتع بضوء القمر. وكم ركض حافياً باقصى طاقته على الرمال في شقاوة اطفال.
إنه يذكر تلك (الدومة) جيداً كم كان يقذفها بالحجارة مع رفاقه وكم كان (حاج ابراهيم) يجري خلفهم ويتمتم بعبارات ساخطة.
يآه.. حاج ابراهيم ذاك الرجل الطيب كم اتعبوه.. حتى في (عز الهجير) لا يتركونه يستريح وذاك (الجدول) الصغير.. كم كان يلعب داخله ويرش رفاقه بالماء حتى يصيح احدهم (الغفير جاء) حينها يطلق ساقية للريح ولا يلتفت خلفه ابداً.
يآه.. كم كان شقياً.
كم كان أباه يتوعده ويلوح له (بالعصا) إذا لم يترك الحمار وشأنه.
كثيراً ما تسبب في ضياع ذاك (العجل) الصغير لقد كان يقطع ذاك الحبل بآلة صنعها وحده وكم غضبت أمه عندما كان يجري وسط الدجاج فيحدث فوضى تجعله ينطلق باتجاهات مختلفة.. فتتعب أمه كثيراً في جمعه من جديد يا له من فوضوي متعب.
واحياناً كثيرة يعبث بادوات أخيه (الباشمهندس) فيتلقى منه (علقات) كثيرة دون مبالاة. وتلك النخيلات الباسقة كم كان يتسلقها بالرغم من تحذيرات والده الذي يخشى سقوطه.
كان يتربص بالطيور التي على الأغصان موجهاً نباله تجاهها.
وكم صال وجال وسط الاشجار خلف القطط والأرانب، لقد كان يتمتع بمطاردتها!!
لم ينتبه من ذكرياته الا عندما تطايرت الأوراق بجانبه فاحدثت صوتاً انتزعه من افكاره نزعاً.
يا لها من ذكريات؟؟!!
انه في الاجازة السنوية لم لا يذهب لزيارتها؟ لقد حن اليها وكله شوق لرؤياها.
نعم ساذهب فمهما طال الغياب ومرت السنوات فالريف هو الريف أهله هم اهله بطيبتهم وبساطتهم وعذوبة حديثهم الطبيعة لا تتغير.
جمع أوراقه وجلس على الكرسي.. وخط أول سطوره..
(إنني كلما اشرقت الشمس هزني الشوق واضناني، البعاد).

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.