سودانيون

تعاطى معها المواطنون بكثافة خلال فترة الحرب: التطبيقات المصرفية.. شريان الحياة..

تعاطى معها المواطنون بكثافة خلال فترة الحرب: التطبيقات المصرفية.. شريان الحياة..

بنكك وأوكاش وفوري خدمات دفع إلكتروني، برزت أهميتها خلال الحرب..

تراجع الثقة في الشيكات وإغلاق المصارف منحها قيمة مضافة..

إشادة بتفهم بعض المصارف لمعاناة السودانيين بالخارج ومعالجة مشكلاتهم..

دكتور فضل المولى: التطبيقات المصرفية لعبت دور البطل الصامد خلال الحرب..

دكتور هيثم: على البنك المركزي إحكام الرقابة لمحاصرة جرائم الاحتيال..

تقرير: إسماعيل جبريل تيسو

تعرَّض قطاع البنوك والمصارف إلى عملية انتهاكات واسعة من قبل ميليشيا الدعم السريع، التي عمدت منذ الصافرة الأولى لتمردها في الخامس عشر من أبريل 2023م على استهداف هذا القطاع الحيوي المهم بإعمال برنامج ممنهج لنهب وسرقة المصارف والبنوك وتفريغ بطونها من الأموال، والموارد، والأصول المادية، والمسندات، والأوراق المالية الاستثمارية، وامتدت يد التخريب لتطال البنيات التحتية من أجهزة ومعدات، لتصبح هذه البنوك والمصارف بين ليلة وضحاها خاوية على عروشها، وخارج نطاق الخدمة.

بقعة ضوء

تأثيرات كبيرة صدعت رأس الخدمات المصرفية جراء هذا التخريب المقصود من قبل ميليشيا الدعم السريع والهادف إلى إقعاد الاقتصاد الوطني وتدمير بنياته التحتية، ولكن مع كل هذا الظلام الدامس جراء الإحباط الذي ضرب بنية البنوك والمصارف في المناطق المتأثرة بالحرب وأخرجها من التغطية، كانت خدمة الدفع الإلكتروني المتمثلة في التطبيقات المصرفية وبطاقات الصراف الآلي، بمثابة بقعة الضوء التي أشاعت النور في نفوس المواطنين المغلوب على أمرهم، والمكتوين بنار هذه الحرب الوجودية التي قضت على الأخضر واليابس وأخذت ولم تستبقِ شيئاً، فقد صمدت خدمة التطبيقات المصرفية المتمثلة في خدمة تطبيق “بنكك” التابعة لبنك الخرطوم، وخدمة تطبيق “أوكاش” وخدمة تطبيق ” فوري” التابعة لبنك فيصل الإسلامي، في وجه تداعيات الحرب وإفرازاتها الاقتصادية، ورغم وجو  تطبيقات أخرى، ألا أن هذا الثلاثي ظل مسيطراً تماماً على مشهد التطبيقات المصرفية الأكثر شهرة وانتشارا، حيث تماهت هذه التطبيقات مع التحديات والمشاكل التي واجهتها خلال الحرب مثل ضعف الشبكة وانقطاعها والمشاكل التقنية وسوء الاستخدام.

أفضل الخدمات

وبحسب مراقبين فإن خدمة الدفع الإلكتروني تعتبر أميز الخدمات الإلكترونية المنتشرة بين يدي المتعاملين مع المصارف داخل السودان، وازدادت أهميتها في الفترة الأخيرة، لاسيما مع اتساع رقعة استخدام الصرافات الآلية التي حلَّت في كثير من الولايات محل التعامل المباشر بالنقود الورقية، ويعتبر الدفع الإلكتروني من أفضل خيارات الدفع الذي يتم عبر الانترنت حيث يسهل على المستخدمين إمكانية دفع فواتيرهم وسدادها ودفع كل مستلزماتهم، وقد ساعدت هذه التطبيقات المصرفية المواطنين خاصة في مناطق الحروب والنزاعات على الحصول على النقود من داخل السودان وخارجه، حيث حلَّت هذه التطبيقات مشكلات كبيرة تواجه الاقتصاد السوداني، ويعاني منها المواطنون ولاسيما خلال فترة هذه الحرب، حيث أصبح الاعتماد عليها كبيراً.

ميزة إضافية

ويقول المحلل الاقتصادي دكتور هيثم فتحي إن اعتماد المواطنين المتعاملين مع الخدمات المصرفية قد زاد بشكل كبير عقب تراجع الثقة في التعامل مع الشيكات بعد انتشار ظاهرة “الشيكات المرتدة لعدم وجود رصيد، ونوه دكتور هيثم في إفادته للكرامة إلى الميزة الإضافية للتطبيقات المصرفية المتمثلة في سرعة تنفيذ العمليات المالية والمصرفية وظهورها على حساب العميل في نفس اللحظة، مما دفع قطاع الأعمال إلى تبني صيغة الدفع بالتطبيقات المصرفية، مبيناً أن حرب الخامس عشر من أبريل 2023م، وتداعيات إغلاق الكثير من المصارف قد عزز من التعامل مع هذه التطبيقات، حيث يتعذر مع هذه الأوضاع إصدار الشيكات المصرفية المعتمدة أو التحويلات من النافذة المصرفية ما أجبر الكثيرين على استخدام التطبيقات المصرفية المختلفة، وخاصة عملاء المصارف الموجودين خارج البلاد والذين وجدوا ضالتهم في تطبيق بنكك الذي سهّل عليهم الكثير.

البطل الصامد

ويصف الخبير المصرفي دكتور محمد فضل المولى التوم، التطبيقات المصرفية بالبطل الصامد، وأكد في إفادته للكرامة أن التطبيقات المصرفية نجحت خلال فترة الحرب العصيبة في تقديم الأمل والمال، فكانت بمثابة شريان الحياة للمواطنين والدعم الاقتصادي والاستقرار المعيشي لهم عبر التحويلات الداخلية بين الحسابات والتبادل بين التطبيقات المصرفية، مما مكَّن السودانيين من متابعة رحلتهم للنزوح واللجوء، بفضل دعم الأهل في الداخل، والمغتربين في الخارج، وقال دكتور فضل المولى إن تطبيق “بنكك” التابع لبنك الخرطوم حاز على النصيب الأكبر من الاستحواذ المصرفي، كونه الأسبق والأكثر انتشارًا، ثم تبعه تطبيق “أوكاش” التابع لبنك أم درمان الوطني، مبيناً أن رقعة انتشار تطبيق “أوكاش”زادت خلال فترة الحرب، حيث استشعر بنك أم درمان الوطني دوره الطليعي في خدمة الوطن والمواطن، ممتدحاً التفهم الذي أبداه مصرفا الخرطوم وأم درمان الوطني في التعامل مع الوجود الكبير للسودانيين في مصر، وفي سلطنة عمان، حيث سارع المصرفان وبالتنسيق مع السفارة السودانية في البلدين المعنيين، بإيفاد موظفين لمعالجة المشكلات المتعلقة بخدمة التطبيقات وحل مشاكلها وقد باشر موظفوهما العمل بمقر السفارة فعليا.

إحكام الرقابة

ويطالب المحلل الاقتصادي دكتور هيثم فتحي بأهمية وجود دور فاعل لبنك السودان المركزي، بإحكام الرقابة على هذه التطبيقات المصرفية في ظل ظهور بعض الاختراقات، ووجود حالات احتيال من قبل بعض ضعاف النفوس، وشدد دكتور فتحي على أهمية أن يتبنى البنك المركزي سياسات تحد من الممارسات السالبة للمضاربات المصرفية أو التعاملات الإلكترونية المشبوه والاعتداءات على حسابات العملاء، إلا أنها كانت نافذة الضوء في ظلام السودان الكالح. ونأمل أن يستعيد الاقتصاد السوداني عافيته واستقراره في المستقبل القريب بالمصارف القوية والنظم المصرفية المتميزة.

خاتمة مهمة

ومهما يكن من أمر فقد ساهمت التطبيقات المصرفية الفاعلة في ميدان القطاع المصرفي سواءً تطبيق “بنكك” أو تطبيق “أوكاش” أو تطبيق “فوري” في خلق التماسك الاقتصادي والمعيشي للكثير من الأسر السودانية في ظل الحرب التي ألقت بظلالها على الجميع، لتتنزل هذه الخدمات المصرفية برداً وسلاماً عليها رغم بعض المظاهر السلبية التي ظهرت كالاحتيال الذي مارسه بعض ضعاف النفوس والذي يتطلب من الجهات المختصة في بنك السودان المركزي أن تعزز من عملية إحكام الرقابة، ومعالجة بعض المشكلات المتعلقة بالتقنية الإلكترونية، رغم تقدير الكثير من المراقبين للجهود التي ظل يبذلها القطاع المصرفي وهو يعمل تحت وطأة هذه الحرب.

* نقلاً عن صحيفة (الكرامة)

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.