سودانيون

الأمين علي حسن يكتب.. يروى أن: السنوار.. كان يسابق الزمن

يروى أن

الأمين علي حسن

السنوار.. كان يسابق الزمن

في كثير من المواقف ينصف التاريخ بعض الشخصيات المستضعفة وكثير من الذين عاشوا الظلم سادوا في أقوامهم وأصبحوا أصحاب شأن عظيم.
ولعل الحاكم العادل الظاهر بيبرس مثال لهذه الشخصيات العظيمة عاش جزءاً من حياته عبداً يباع ويشترى في سوق الرق في بغداد حتى من الله عليه أن جعله من اعظم القادة في التاريخ الإسلامي حاكماً وفارساً مجاهداً سطر اسمه في سفر التاريخ بحروف من نور.
وكذلك كافور الاخشيدي الذي كان ينظر اليه كعبد حبشي يعرض في سوق الرقيق لمن يشتريه حتى أن صديقه الذي بيع معه كانت أمنيته ان يشتريه طباخ لكي تمتلئ بطنه من طعام مصر، ولكن كافور كان ينظر لما هو اعظم حيث كان يقول لصاحبه أنا أمنيتي أن احكم هذه البلاد فتحققت امنيته واصبح حاكما لمصر.
ولعل الشئ بالشئ يذكر قد عاش يحيى السنوار سنوات من عمره سجينا حبيسا ذاق مرارات السجن والحبس والعذاب وكان كل ما أطل الضوء الخافت على زنزانته نظر الى ساعته الكاسيو التي كانت تلازمه برفقة مصحفه ومسبحته، كان السنوار في عجلة من أمره، كان يرى ان هناك امرا يجب ان ينجزه، خرج السنوار من السجن فاستقبلته غزة بالفرح والأهازيج كان اول سؤال طرحه على اهل غزة لماذا لم تحرروا فلسطين حتى الآن؟!
هذا السؤال الملح من السنوار حرك روح المقاومة والمدافعة في أهل فلسطين عموما واهل غزة بالتحديد. بعضهم تيقن ان فجر الخلاص وتحرير القدس اقترب لان السنوار لا يسأل عن فراغ.
خرج السنوار منهكا متعبا نحيل الجسم ولكنه قوي العزيمة، كان ينظر للخط الحاجز بين غزة والأراضي المحتلة ويقول يوما ما ساجتاز هذا الخط لاعبر الى ارض اجدادي.
كان الوعد الرباني (نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) حاضرا في ذهن الرجل. بدأ يخطط ويدبر للطريقة التي يوجع بها عدوه حتى جاء فجر السابع من اكتوبر ليعبر شباب المقاومة الخط الفاصل الذي وعد السنوار نفسه بعبوره ليضربوا العدو في مقتل رغم امكانياته وعتاده وقوته التي ظنها لا تهزم.
هذا المشهد صوره السنوار وهو سجين في روايته الشوك والقرنفل حيث يقول نصا في هذه الرواية: “الآن جاء الموعد يا أماه، فلقد رأيت نفسي أقتحم عليهم مواقعهم، أقتلهم كالنعاج ثم أستشهد، ورأيتني بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنات النعيم، وهو يهتف بي مرحى بك، مرحى بك”. كتبه نصا وطبقه عملا في السابع من اكتوبر اقتحم عليهم مواقعهم وعلمنا درسا في المقاومة والمثابرة والايمان بالقضية، وبعد أن اقتحم عليهم مواقعهم ذهب الى ربه شهيدا.
المشهد الاخير من حياة السنوار رغم انه لم يرد نصا في رواية الشوك والقرنفل ولكنه معبر وملهم ستتوارثه اجيال بلا شك لسنوات. كان المشهد الاخير يجلس الرجل بعد ان استشهد مرافقوه ونفدت ذخيرته يحمل عصاه ويتمسك بها كتمسكه بقضيته وهي رمزية على عدم التخلي عن سلاح المقاومة مهما كلفها من ثمن.
ولكن صورة السنوار وهو يستقبل الموت كانت تقول: “كان بالامكان لولا خذلانكم لي”.

قد يعجبك ايضا
تعليق 1
  1. […] بوشاح الجبن ( بضم الجيم ) واستفرغوا كل رهبة يا عبيد القادة وحرروا الضعفاء من عبث الاكابر ، لانه بعد قليل سينفجر […]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.