سودانيون

عادل الباز يكتب.. فيما أرى: وقف إطلاق النار فوراً.. ماذا يعني؟

فيما أرى

عادل الباز

وقف إطلاق النار فوراً.. ماذا يعني؟

1

بالأمس، أصدر الاتحاد الأفريقي بيانًا دعا فيه إلى وقف إطلاق النار فوراً. لماذا؟ وما الجديد؟ سنرى.. دائماً حين تقرأ مثل هذه البيانات وتطرق أذنك مثل تلك الدعوات، فلا تظنن أن هذه الأبواق التي تصدر تلك البيانات وتنعق بمثل هذه النداءات حريصة على السلام ووقف الحرب والقتل. لا، تلك نداءات جوفاء، طبل من صفيح، فلا تصدقوها! كيف؟ لو كان هؤلاء الناعقون جادين في دعوتهم لوقف الحرب، لدعمونا نحن (البلابسة) الذين بصموا على إعلان جدة، وطالبنا المليشيا بالالتزام بالاتفاق وتنفيذه لتقف الحرب. ولكن ماذا فعل هؤلاء الكذبة؟ بدلاً من أن يضغطوا  معنا على المليشيا للالتزام بما وقعت عليه بشهادة العالم، لاذوا بالصمت، ولم يدعوا المليشيات للالتزام بالاتفاق لتقف الحرب، بل هرعوا إلى الأسافير يهتفون هتافهم المخنث: “لا للحرب”. يا أخي، المليشيا اغتصبت أمك وأخواتك ونهبت بيتك، وأنت ما زلت تهتف “لا للحرب”؟! طيب يا باشا، متى تريد أن تحارب إذن؟

ولكن لماذا صمتوا وقتها؟ غرّهم تقدم المليشيا في الميدان وانتصاراتها المؤقتة وتمددها، فاعتقدوا أنها ستنتصر في الحرب وتستلم البلد، فما الداعي لوقف حرب اقتربوا من كسبها؟ ولكن خابت آمالهم، لأن الله لا يهدي كيد الخائنين لأوطانهم. وحين فشلت مخططات المليشيا، ولم تحصد شيئاً من تمددها سوى كراهية الشعب بسبب جرائمها، تعالت الأصوات مرة أخرى: “لا للحرب”. الآن ترجو ان تعود  الان … لا!

ولما أدركوا أنهم في ورطة، طفقوا يدسون في بيانات المنابر المختلفة التي يعتاشون منها عبارة “وقف إطلاق النار فوراً”. يتصورون أنهم بمثل هذه البيانات سيدفعون العالم للضغط على الجيش ليوقف لهم الحرب، ولكن فاتهم أنه لا الجيش، الذي هو أصلاً غير راغب في وقف إطلاق النار دون إنفاذ الاستحقاقات المتفق عليها، ولا الجن الأحمر بمقدوره أن يوقف إطلاق النار ومدننا ودورنا محتلة، ونساؤنا يُبعن كرقيق في بعض أسواق الغرب! إذا لم يقاتل شعب طُرد من دياره واغتُصبت نساؤه وشُرد في أقطار الأرض، فمتى يحارب؟ إلا أن يكون شعباً من المثليين! ولكن الحمد لله، شعبك أقوى وأكبر يا بلادي!

2

ماذا يعني وقف إطلاق النار وما الهدف من ورائه؟ يعني بقاء هؤلاء الأوباش المجرمين محتلين لبيوتنا، ومستشفياتنا، وطرقاتنا، وجامعاتنا، ومعسكراتنا، وقواتهم منتشرة في الأسواق! إلى متى؟ إلى أن تنتهي المفاوضات! ومتى تنتهي تلك المفاوضات؟ لا أحد يعلم بالطبع… سنة؟ سنتين؟ خمس سنوات؟ ونظل نحن رهائن للمليشيات، وتستمر هي في نهب الذهب، ونتعرض نحن يومياً للاغتصاب! ترى، من سيعود إلى بيته وهو يشعر بالأمان؟ إذا كان الناس حتى في حواضنهم الاجتماعية يهربون من المدن التي يدخلونها إلى أحضان الجيش، لأنهم لا يأمنون على أنفسهم ولا على أسرهم في وجود هؤلاء المرتزقة المجرمين. فمن يجازف بالعودة وهؤلاء المجرمين يحتلون الشوارع؟

قالت صحفية للرئيس البرهان: “نحن تعبنا، نريد أن نعود لبيوتنا”. فسألها: “هل تقبلين أن تعودي وبيتك محتل؟” فقالت: “سجمي، أعود كيف؟” علشان “سجمي” دى،  نريد أن نخرج السجم هؤلاء من بيتك أولاً!

لو قالت الحكومة مثلا لشباب بري اللاماب الأبطال، الذين يحملون الآن السلاح ويدافعون عن بيوتهم، “انتظروا مشردين في الشوارع حتى نفاوض المليشيا”. السؤال الذي سيصفعون به الحكومة هو: من فوضك أصلاً للتفاوض على بيوتنا؟ وهكذا ستذهب كل مجموعة تدافع عن أعراضها ومنازلها، ولن تنتظر مفاوضات الحكومة. ولا كيف؟

4

السؤال الذي حيّر الجميع: على ماذا نفاوضهم؟ هل يمكن لنا مفاوضة هؤلاء المجرمين على قسمة الثروة والسلطة مثلا.؟ اوعلى النظام السياسي وأسس وملامح دولة 1956؟ وهل يمكن مفاوضتهم على هذا اللغو الذي لا يفهمونه؟! نفاوضهم على بكارة بناتنا اللاتي اغتُصبن؟ نفاوضهم على ماذا؟ على أموالنا وممتلكاتنا التي نُهبت؟ نفاوضهم على مؤسساتنا التي دمروها؟ كيف تفاوضهم على وقف إطلاق نار والنار التي أشعلوها في كل أرجاء الوطن لا تزال مشتعلة؟ أليس من العدل أن يتوقفوا أولاً عن صب غبائنهم في حطب الحريق الذي أشعلوه؟

5

كل المتآمرين يسعون لوقف إطلاق النار فوراً، قبل أن تنفذ المليشيا التزاماتها، ليضمنوا عودتها وحلفاءها إلى الساحة سياسياً وعسكرياً كلاعبين أساسيين. ولا تخدعنك هرطقاتهم ” لازم تقيف ”  “عملية سياسية” و”حكومة مدنية”، فكل هذا هراء لتغطية أهدافهم الحقيقية وهي إنقاذ المليشيا وإعادتها مجدداً لتستعد مرة أخرى وتواصل ارتكاب جرائمها وهيهات! لن يقبل الجيش، ولن يسمح لهؤلاء المجرمين ان يدوسوا على أجساد وأحلام  الشهداء الذين ضحوا  بارواحهم من أجل كرامتهم وكرامة السودانيات. ثم من الذي سيتجرأ ويقترح على الشعب أن يقبل وقف إطلاق نار الآن والماجدات في الفاشر والخرطوم يشعلن نار الزغاريد، وهن واثقات من نصر الله، وهن يرون بأم أعينهن المليشيا تلفظ أنفاسها الأخيرة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.