سودانيون

دار السلام علي تكتب: (هز الكتف)!!

جرأة قلم

دار السلام علي

(هز الكتف)!!

منذ أول رصاصة أطلقت في الخرطوم في الخامس عشر من أبريل العام الماضي وانا أنتظر ظهور العديد من الفنانين خلف الجيش والمواطن، فالفنان يعتبر رسول محبة وسلام ورمزا فنياً للوطن وإحساس يعبر عن كل مواطن، وفي كل نكبة يمر بها الوطن يكون الفن أقصر الطرق المؤدية إلى تخفيف تلك النكبة وإزاحة الغمة عن المواطنين عن طريق الأغنيات التي تحمل الفخر بالانتماء للوطن وإطلاق المبادرات الوطنية والخيرية، ويقدم الفنان في هذه الظروف الحرجة أفضل ما عنده دعماً للجيش ووطنه وتخفيفا عن معاناة أهله وعشيرته، من خلال سلاح الكلمة وذخيرة اللحن ودانات الأغاني، إلا أن ذلك لم يحدث سوى من بعض الفنانين الذين عكسوا أصالتهم وحفرو اسماءهم من نور في تاريخ السودان الجديد، لا أود أن أذكر اسم فنان كي لا اظلم البقية ولكن كان للفنان العظيم (عاطف السماني) نصيب الأسد فقد كان ولازال مثالاً ورسولاً للفن يحتذى به وفخرا للوطن ولعشيرة الفن فمواقفه لا تحصى ولا تعد، والله جد.
وفي ناحية أخرى أختار الكثير من الفنانين الصمت وارتدوا أقنعة تنكرية عن الوطن والمواطن ولم يعلنوا حتى مواقفهم من هذه الحرب اللعينة بل (ركبوا مكنة الحامل الطرشا) وظلوا بعيدين حتى عن معاناة المواطن المغلوب على أمره، الذي يعاني ويلات الحرب والجوع والعطش والسيول والامطار والدمار الذي حل به بين ليلة وضحاها ولم يطلقوا حتى مبادرات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أطفال جياع وتوفير لقمة عيش في إحدى التكايا والمطابخ التي تعد الطعام للنازحين والفارين من القتال في صورة عكست أسوأ أنواع الخذلان ورسمت أسوأ صورة لإنسان يطلق على نفسه فنان.. تخيل!
فالفنان إنسان بكل ما تشمل الكلمة من معاني، والفنان روح تجسد معنى البشرية، والفنان إحساس مرهف وشعور، والفنان لطف وحنية، والفنان حمامة بيضاء تحلق في سماء الوطن، ولكن للأسف الغالبية بعيدون كل البعد عن الفن وأهله.. والله جد… ففي حرب لبنان انكب الفنانون اللبنانيون على تقديم أعمال تكرم الجيش، فقد ترجموا تعاطفهم مع الجيش ودعمهم له من خلال تصويرهم مجموعة من الأغاني الوطنية، ليبلغ بثها على شاشات التلفزة وعبر أثير الإذاعات، وقد ارتدى الفنان وائل كفوري بزات عسكرية وكان في مقدمة الذين خصوا الجيش باغنياته، ولحقت به الفنانه نانسي عجرم وحاكت خلال الأغنية الجيش اللبناني، وكان عدد لا يستهان به من الفنانين قد اطلقوا اغنية خاصة بالجيش حينذاك.
وكانت لكوكب الشرق أم كلثوم مواقف وطنية عديدة، وقدمت الكثير من أجل وطنها حيث قررت أن تحيي حفلين شهرياً تخصص إيراداتهما لدعم تسليح الجيش لمواجهة العدوان الإسرائيلي انذاك، وتعددت حفلات أم كلثوم من أجل مصر محيط الوطن لتخصص إيرادات حفلاتها في عواصم أوروبا والدول العربية لدعم الجيش، ثم قامت بنفسها بحملة لجمع التبرعات من المشاهير والشخصيات العامة لأجل مصر فطافت مكاتبهم ومقراتهم للحصول على تبرعات من أجل وطنها.
بالنظر للفن السوداني فإن القليل جداً من الفنانين دعموا الجيش باغنيات وطنية ومبادرات انسانية، والكثيرين منهم واشباههم لم نر منهم سوى (هز الكتف) وارتداء (البواريك والرموش)، ولم يخصص حتى صفحاته على المنصات لدعم الجيش أو لكشف مجازر التمرد، أو حتى أن يفتح صفحته للتبرعات لأجل المواطنين الذين يذوقون الأمرين الآن وسط معاناة هي الأسوأ في تاريخ السودان حيث الحروب والقتال والسيول والأمطار والأوبئة التي تضرب كل منطقة على حدا، لم يكلف سوى البعض أنفسهم وجهدهم لدعم إنسان وطنه وجيشه، رغم أن حفلاتهم (رااااشة) وتفوق تذاكر الحفل الآلاف من الجنيهات التي يمكن أن تساعد في إنشاء مطابخ دعما للمواطنين أو قوافل غذائية وطبية للجيش في مناطق العمليات.
فينبغي أن تكون ردة فعل كل فنان وطني خصوصاً في المحنة التي يعيشها الوطن هي دعمه بأقل ما يملك وهو صوته ورسالته الفنية لأن الفنان جزء لا يتجزأ من الوطن ويلعب دورا فعالاً لأنه محط اهتمام شريحة لا يستهان بها من الناس، ولكن كثير جدا من الفنانين السودانيين نسوا وتناسوا دعم الوطن لهم في مسيرتهم الفنية، وينبغي على الوطن والمواطنين نسيالهم ومقاطعتهم وحذف كل أعمالهم القديمة فمن آثر الصمت الآن لا يحق له أن يدعم في مسيرته الفنية ولو حتى من خلال سماع اغنية له ناهيك عن حفلات جماهيرية وغيرها..

جرأة أخيرة

فنانين خارج نطاق الإنسانية!!

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.