سودانيون

مأساة الشاب محمد صلاح،، حكاية للوجع..

الجالية السودانية بمصر أعلنت وفاته متأثراً بجراحه،،

تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..

أعلنت الجالية السودانية بجمهورية مصر العربية وفاة الشاب السوداني محمد صلاح سليمان الفكي، متأثراً بإصاباته البليغة التي كان قد تعرّض لها عقب حادثة نهب وسلب واعتداء عنيف في المنطقة الصناعية بمدينة بدر، في واقعة هزّت وجدان السودانيين وأعادت طرح أسئلة موجعة عن الغربة، والإجرام، والمسؤولية الأخلاقية، وقالت الجالية في بيان نعيها إن روح الطاهرة الفقيد فاضت إلى بارئها بعد محاولات حثيثة لإنقاذه، مشيرة إلى أن الجميع سعى، كلٌ من موقعه، لبذل ما يستطيع من أجل إنقاذ حياته، غير أن إرادة الله كانت نافذة.

إشادة بالمرأة السودانية التي واجهت الموت بالمروءة..

جريمة ومروءة:

وبحسب إفادات متطابقة، فقد تعرّض الشاب السوداني محمد صلاح لاعتداء وحشي من قبل مجموعة من السودانيين يُشتبه بانتمائهم لعصابات تُعرف باسم (9 طويلة) أو (نيقروز)، حيث تم ضربه وسلب هاتفه المحمول ومبلغاً مالياً كان بحوزته، ثم تُرك مصاباً في الشارع غير قادر على الحركة أو طلب النجدة، وظل الشاب ملقياً على الأرض قرابة يومين، يصارع الألم والجراح في صمت قاسٍ، إلى أن شاءت الأقدار أن تمرّ به سيدة سودانية أثناء عودتها من عملها، لتكون تلك اللحظة نقطة التحول الوحيدة في مسار مأساوي كاد أن ينتهي بصمت تام، حيث سارعت المرأة وفي مشهد يختصر معنى المروءة السودانية بطلب الإسعاف، ورافقت المصاب إلى المستشفى، وبقيت إلى جواره، ثم نشرت صورته عبر وسائط التواصل الاجتماعي في محاولة إنسانية خالصة للوصول إلى أسرته، وبفضل هذا الموقف النبيل، تعرّف ذوو الفقيد عليه، وتواصلت أخواته مع السيدة وإدارة المستشفى، وحضروا على وجه السرعة من مدينة الإسكندرية، بينما كان محمد يصارع الموت في سرير الطوارئ.

كعادتهم تكافل السودانيون لإنقاذه، ولكن يد الموت كانت أسرع..

تكافل لم يتأخر،، ولكن:

ومع انتشار القصة على منصات التواصل الاجتماعي، تحرّكت الجالية السودانية، وتحرك معها ضمير واسع، حيث سارع السودانيون إلى جمع التبرعات أملاً في إنقاذ حياة الشاب، وأكدت الجالية في سرديتها أنها تحركت بمرافقة سيارة إسعاف مجهزة لنقل الفقيد إلى مستشفى خاص بمدينة الشروق، حاملة أمانة المتكافلين التي بلغت 31 ألف جنيه مصري، تم تسليمها للسيدة التي أبلغت عنه، بعد أخذ الإذن من شقيق محمد الموجود بالسودان، غير أن القدر كان أسرع من كل المساعي، فبعد أن كان الفقيد قد خرج من المستشفى سابقاً بناءً على رؤية طبية أفادت باستقرار حالته، تدهور وضعه الصحي بصورة حادة خلال اليومين الماضيين خارج المستشفى، وأثناء محاولة نقله، أفاد طاقم الإسعاف بأن حالته حرجة للغاية ولا تحتمل النقل لمسافة بعيدة، ما اضطر مرافقيه لإعادته فوراً إلى طوارئ مستشفى بدر الجامعي في محاولة أخيرة لإنعاشه، إلا أن أمر الله قد نفذ ولا راد لقضائه، وقد شهدت منصات التواصل الاجتماعي تفاعلاً واسعاً مع وفاة الشاب، حيث عبّر سودانيون عن حزنهم وغضبهم، مطالبين بسرعة القبض على الجناة وتقديمهم للمحاكمة ليكونوا عظة وعبرة، ورسالة واضحة بأن الغربة لا تبرر الجريمة، وأن الدم لا يسقط بالتقادم.

9 طويلة تعبر الحدود إلى مصر وتُشوِّه صورة السودانيين في المنفى..

9 طويلة، تعبر الحدود:

والواقع أن حادثة الاعتداء على محمد صلاح لم تكن الأولى من نوعها، إذ تشير إفادات عديدة إلى تعرّض سودانيين آخرين لعمليات نهب وضرب من قبل ذات العصابات، ما يؤكد أن ظاهرة «تسعة طويلة» لم تعد محصورة داخل السودان، بل عبرت الحدود، مستفيدة من ظروف الغربة، وغياب الردع المجتمعي الكافي، ووفقاً لمراقبين فإن هذه الحوادث تكشف إخفاقاً جماعياً في الاستفادة من دروس الحرب، حيث لم يتحول النزوح والمعاناة إلى وعي أخلاقي جامع، بل تسللت بعض أنماط الإجرام إلى المنافي، ما يستوجب تحركاً عاجلاً من السفارة السودانية بالتنسيق مع السلطات المصرية المختصة لمحاربة هذه الظاهرة، خاصة وأن مناطق انتشارها باتت معروفة وفق روايات ضحايا سابقين.

مطالبات بتحرك السفارة والسلطات المختصة للقبض على الجناة..

خاتمة مهمة:

ومهما يكن من أمر، فقد رحل محمد صلاح سليمان الفكي، لكن قصته بقيت شاهدةً على قسوة الجريمة، ونبل المرأة، وشهامة السودانيين، وحاجة العدالة لأن تحضر، قبل أن يُحمل وجعٌ جديد إلى المقابر، ووفقاً لبيان الجالية السودانية فقد أراد الله سبحانه وتعالى ألا يرحل الشاب محمد صلاح في صمت، فقدَّر الله أن يمدّ في عمره هذه الأيام القليلة لحكمة عظيمة، ليعلم الناس قصته، وتتحرك القلوب نصرة له، وترتفع آلاف الأكف بالدعاء له في ظهر الغيب، فرحل صلاح محفوفاً بدعوات الآلاف من الشرفاء، ممن زفُّوه بصبرٍ إلى السماء.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.