الطيب إبراهيم يكتب: هاجر سليمان… عندما تهان الصحافة والإعلام
لم يكن لحدث اعتقال الزميلة الصحفية هاجر سليمان ليمر مرور الكرام لولا أن تناوله العديد من الزملاء الصحافيين ليكشفوا للعالم اجمع كيف تهان الصحافة في وطني السودان ويذل الإعلام.
وحادثة هاجر سليمان هي ذات ما حدث للزميلة لينا يعقوب وإن اختلف الأسلوب والعقاب ما بين الأولى والثانية… إذ تم إخطار مكتب قناتي الحدث والعربية بعدم رغبة الدولة السودانية استمرارية الزميلة لينا يعقوب رغم عملها المهني وتقديمها مادة إعلامية كاملة الدسم من حيث التفاصيل والحال والأحوال لرجال كانوا يوماً ما على كراسي من يحاسبون لينا يعقوب اليوم ولم يفعلوا مع هاجر ما فعلوه مع بت يعقوب لفارق المكانة الإعلامية ما بين المحلية والعالمية…
تمت إهانة وإذلال الزميلة الصحفية هاجر سليمان لأنها كشفت عن فساد كبير في البنك المركزي المفروض منه حماية الاقتصاد الوطني بدلاً من بعثرة الأموال وتسهيل المعاملات وكتابة البداية لنهاية الجنيه السوداني وإذلاله أمام العملات الأجنبية كافة.
في حدث أشبه ما يكون بأفلام الآكشن تم اعتقال بت سليمان في ليلة كالحة السواد من منزلها بضاحية الحاج يوسف شرق النيل الخرطوم حيث لا كهرباء ولا ماء، وبعوض وسوء حال تعيشه المسكينة رفقة أسرتها البسيطة… ولم يسلم من الإرهاب (بدل الكباب) حتى جيرانها وهم يشاهدون سيارات الأمن تحيط بمنزلها البسيط والأسلحة مصوبة حتى على الجيران مع الإنذار بتعمير الكلاش حباً في مزيد من إرهاب نفسي لم تعشه بنت سليمان وأسرتها وجيرانها حتى أيام الحرب اللعينة عندما تمسكت بسكنها رافضة الخروج المذل على يد الدعامة لتكتب سطراً جديداً في سفر الإعلام السوداني.
صورة مهينة للعمل الصحفي والإعلامي عاشتها الزميلة هاجر سليمان على يد من به سلطة حمايتها من غضب برعي صاحب النفوذ المالي الأكبر بعدما كشفت وبالمستندات التي لا يتطرق إليها الشك والريبة عمليات فساد تقعشر لها الأبدان وبدلاً من منحها المكافأة التي تستحقها أهانوها وأذلوها وأثاروا الرعب في نفوس أسرتها وجيرانها وحتى زملاءها من الصحافيين والإعلاميين.
مهنية هاجر سليمان ولينا يعقوب في كشف ما لا يرغب فيه سادة الحكم في بلادي يحسب لهن لا عليهن و يفترض تكريمهن لا إذلالهن وحرمانهن من كشف المستور خوف غضب الحاكم الفاسد في الأرض.
وبما أن ذات ما قامت به لينا يعقوب من تسليط الضوء على قيادات الدولة السابقين في مروي وكيف أنهم يعيشون في كرامة وبحبوحة من العيش يستحقونها من واقع واجب قاموا به يوماً ما تجاه الوطن لكن ذلك لم يرض أصحاب المقام الرفيع لأسباب تخصهم فكان العقاب الرحيم إذ لم يفعلوا مع لينا يعقوب ما فعلوه مع هاجر سليمان رغم تشابه الفعل ورد الفعل هنا وهناك… ولكن… لأن مقام بت يعقوب وبت سليمان يختلف… رغم تشابه الحالة…. كانت الحالة مختلفة والعقاب مختلف…. لسبب بسيط جداً… لأن للأولى ظهر يحميها داخلياً وخارجياً… أما بت ضاحية الحاج يوسف فلها رب يحميها ورجال يقدرون جهدها وعملها وزملاء يسندونها ويقفون سداً منيعاً لحمايتها وتقديم المجرم الحقيقي للعدالة وفق ما قدمت هاجر من مستندات لا يدخلها الشك من اليمين أو الشمال…. بدلاً من تقديمها ضحية كشف الفساد لتكون كبش فداء للمجرم الحقيقي المتستر بالسلطة والنفوذ والمال المباح في زمن الحرب اللعينة.
لن يغمض لنا جفن أو ندخل القلم مخبئه حتى ينتصر الحق ويزهق الباطل وشكراً للأقلام العفيفة ولا عزاء لأقلام أكتب وأقبض.