سودانيون

الركابي حسن يعقوب يكتب : العقوبات الأمريكية على البرهان.. الجاني والمجني عليه في قفص واحد

في الأنباء أن الإدارة الأمريكية وهي تتأهب لمغادرة سدة الرئاسة ربما تتجه إلى فرض عقوبات على الرئيس البرهان أسوة بالعقوبات التي فرضتها على قائد ميلي شيا الدع م الس ريع حميدتي على خلفية الحرب التي أشعلها قائد الميلي شيا الإره ابية بمحاولته الاستيلاء على السلطة في البلاد والتي دخلت شهرها الثالث والعشرون.

وعند نشر هذا المقال ربما تكون الإدارة الأمريكية قد أصدرت قرار العقوبات بالفعل ، إذ تواترت الأنباء من مصادر مختلفة بنية إدارة بايدن فرض عقوبات على الرئيس البرهان ومساواته بقائد الميل يشيا الإره ابية حميدتي، الذي فرضت عليه الإدارة الأمريكية عقوبات في وقت سابق من هذا الشهر على خلفية الإن ت ه اكات الجسيمة وج رائ م الح رب التي ارتكبتها قواته في حق المواطنين في المناطق التي تسيطر عليها، في دارفور والعاصمة الخرطوم وولايتي الجزيرة وسنار.

وكل يوم يمر يتكشف للناس فيه حجم المؤامرة – متعددة الجنسيات وعابرة القارات – علي السودان، وتتضح فيه خفايا وخبايا هذه المؤامرة الكبرى التي تستهدف السودان الدولة والوطن في إنسانه وفي موارده وفي ثقافته ودينه وفي موروثه الحضاري وفي خط دفاعه الأول الجيش حامي حمى البلاد.

إن استهداف البرهان هو استهداف للسودان ولقواته المسلحة التي أثبتت جدارة وجسارة غير مسبوقة ونادرة في مضمار العسكرية وفي تاريخ الح روب.

إن معركة الكرامة والأداء القوي للقوات المسلحة فيها جعلت أعداء السودان القريبين منهم والأباعد ينظرون إليه بتوجس وخوف في عالم لا يعرف سوى منطق القوة.

حجج الإدارة الأمريكية التي توكأت عليها لفرض عقوبات على البرهان حجج داحضة واهية لا يسندها دليل ولا تقوم على أرضية صلبة، بل تقف على فرضية هي أوهن من بيت العنكبوت، هي حجج تم جمعها قسراََ و (لملمتها) بطريقة مفضوحة فضلاََ عن كونها عارية من الصحة ومجردة من الحقيقة.

تتلخص هذه الحجج في ان القوات المسلحة – بزعمهم – تقوم باستهداف المدنيين والبنيات الأساسية المدنية وتمنع وصول المساعدات، ورفضت المشاركة في محادثات السلام العام الماضي..!!

مبررات تم تجميعها تجميعاََ يماثل تجميع (صحن المرارة)، ويبدو أن حجة رفض الحكومة المشاركة في محادثات السلام (منبر جنيف) بمثابة (الدكوة) التي تعجن بها (المرارة) لإعطائها نكهة وزيادة كميتها.

القرار الأمريكي الظالم يساوي بين الجاني والمجني عليه ويضعهما في قفص واحد وهو ظلم بائن ويمشي على رجلين وسابقة تثير السخرية والعجب والدهشة..

والسؤال الذي يفرض نفسه في هذا السياق العجيب هو لماذا إذن لم يصدر قرار فرض العقوبات على كل من البرهان وحميدتي في آن واحد وفي نسخة واحدة طالما أنهما متساويان في الجرم…؟؟

لماذا تأخر صدور قرار العقوبات على البرهان، هل هناك جهة مارست ابتزازاََ من نوع ما على إدارة الرئيس بايدن، وأي قوة تلك التي في استطاعتها أن تمارس ضغوط عليها وتضطرها إلى الإستجابة لطلب فرض عقوبات على الرئيس البرهان.. ؟؟

العالم كله كان شاهداََ على ج رائم وان ت هاكات ميلي شيا الدع م الس ريع الإره ابية التي كانت الميلي شيا توثقها بنفسها، الجميع في مشارق الأرض ومغاربها شاهد تلك الإن ت ه اكات والجرائم البشعة التي ارتكبتها الم يل يشيا الإره اب ية في حق المدنيين وفي حق الأسرى في كل متر من المناطق التي كانت تسيطر عليها..

هذه الإن ت ه اكات وثقتها كبريات الصحف ووسائل الإعلام الغربية وآخرها صحيفة (نيويورك تايمز) بالصوت والصورة، في تحقيق استقصائي وقفت فيه الصحيفة على هذه الإن ت ه اكات ورأتها رأي العين..

بل إن مجلس النواب الأمريكي تبنى في نوفمبر من العام الماضي قراراََ يصنف ان ت ه اكات ميل يش يا الدع م الس ريع و الميل يش يات المتحالفة معها ب (الإب ا دة ال ج م اعية)، وتوقع مراقبون يومها أن يكون لهذا القرار ما بعده من تداعيات مباشرة تطال ليس حميدتي فقط ، بل كان من المؤمل والمنطقي أن تطال هذه التداعيات الدول التي تدعم ميل يشي ا الدع م الس ريع بالسلاح، والإمدادات اللوجستية، وتلك التي تشكل ممراََ لتوصيل هذه الإمدادات اللوجستية والأسلحة والمرت زق ة الأجانب من أصقاع الدنيا كلها.

لماذا لم تفرض عقوبات على تلك الدول وهي معلومة ومعروفة ولماذا لم توقف مبيعات الأسلحة لهذه الدول وهي تعلم أنها ذاهبة إلى ميلي شي ا الدع م الس ريع التي ت ق تل بها المدنيين.

ولماذا لم تصنف ميلي شيا الدع م الس ريع كم نظ مة إره اب ية رغم أنها تنطبق عليها كل أوصاف وموجبات صفة الإره اب، خاصة وأن الكونغرس الأمريكي كان قد صنف ميلي شي ات أخرى في دول أخرى (منظمات إره اب ية) مع أنها لم ترتكب عُشر ما ارتكبته ميلي شيا الدع م الس ريع، لكنه التطفيف والكيل بأكثر من مكيال.

إن يوميات الح رب التي أشعلتها ميلي ش يا الدع م الس ريع ووقائعها تقف شاهدة على أن الميل يشي ا هي التي بدأت الح رب، وأن الجيش كان في وضع الدفاع طيلة الأشهر الست الأولى من الح رب، ثم تحول بفضل احترافيته ومهنيته الراسخة إلى وضع السجال والكر والفر طوال عشرة أشهر، ثم تحول وانتقل إلى وضع الهجوم بعدها وتحرير المناطق التي تسيطر عليها الميلي شيا وهو الآن في وضع (مطاردة) لما تبقى من فلولها وهي المرحلة الأخيرة والتي شارفت على الانتهاء..

وطوال أشهر الح رب التزمت القوات المسلحة والقوات المتحالفة معها بقواعد الاش تباك المتعارف عليها عالمياََ، لم ترصد أية ان ت ه اكات من جانبها، وكان المواطنين الفارين من جحيم ان ته اكات ميلي شيا الدع م الس ريع يذهبون إلى المناطق التي تسيطر عليها القوات المسلحة حيث الأمان والطمأنينة وحيث مؤسسات الحكم تقوم بمهامها التنفيذية والخدمية والسيادية بصورة اعتيادية.

وهذا دليل واضح ودامغ على أن القوات المسلحة لم تكن تمارس شيئاً مما قيل في حقها من تعدي وانتهاكات مزعومة.

إن ما وقع من تجاوزات فردية محدودة ومعزولة ومعدودة بأصابع اليد الواحدة مؤخراً من قبل بعض الأفراد لا يمكن تعميمها بأي حال من الأحوال.

إن ما حدث في كمبو طيبة هو تصرف فردي أصدر فيه الجيش بياناََ واضحاََ يشجبه ويؤكد فيه أنه تصرف فردي، وأكثر من ذلك تم تشكيل لجنة تحقيق تمهيداََ لمحاسبة من يثبت التحقيق تورطهم بالفعل في ارت ك اب ان ت ه اكات وفقاً للقانون وإجراءات العدالة.

وعضد البرهان ذلك الإتجاه في مخاطبته الجماهيرية عقب عودته من جولته الأفريقية بالتشديد على عدم أخذ القانون باليد ومنع ممارسة أف ع ال خ ارجة عن القانون، وتعهد بمحاسبة كل من يخالف القانون وقواعد الاشتباك وأكد على ضرورة الاحتكام إلى القانون ووجه بحسن معاملة الأس رى والمتعاونين لحين الفصل فيهم وفق القانون والعدالة.

كل هذا وغيره من الانضباط في جانب القوات المسلحة والمتحالفة معها يحدث، ولكن العين الأمريكية كليلة عن رؤيتها، فهي فقط ترى ما تريد أن تراه.

ترى فقط حادثة أو حادثتان معزولتان فقط من جيش ظل ملتزماََ بأخلاق الح رب، مقابل ان ت ه اكات ممنهجة ومتعمدة ومقصودة باصرار وترصد من جانب ميلي شيا الدع م الس ريع الإره اب ية ثم تساوي بين الطرفين..!!

إن التجاوزات في الح روب هي أمور حتمية الوقوع ولم تسلم منها ح رب في التاريخ، أمريكا نفسها مارست انت ه اكات م روعة في حق المدنيين في كل الح روب التي خاضتها حول العالم أكثرها كان ممنهجاََ ومقصوداََ ومتعمداََ.

إن فرض عقوبات على الرئيس وقائد الجيش البرهان في هذا التوقيت الذي بلغ فيه الجيش الشوط الأخير لاستكمال النصر على الميلي شيا والقضاء المبرم عليها وبهذه الحيثية الواهية الضعيفة غير المتماسكة لهو دليل واضح أن أمريكا ترمي بكل ثقلها خلف المؤامرة التي تستهدف السودان.

لكن رغم ذلك فإن الشعب السوداني الذي وقف صامداََ مؤازراََ قواته المسلحة صابراََ على المعاناة والشقاء الذي أصابه قادر على مواصلة المشوار بعزم أكبر وبهمة أعلى وصولاً إلى النصر الذي بات قاب قوسين أو أدنى

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.