تمر اليوم الذكري التاسعة والستون لاستقلال السودان المجيد .ولم يكن استقلال السودان منحة أو هبة أو عطية مزين من قبل الاستعمار البريطاني كما يتصور البعض .
نقول الاستعمار (( البريطاني)) لأن بريطانيا هي التي كانت تباشر استعمار السودان كغيره من الدول الواقعة تحت الإمبراطورية التي لم تكن تغيب عنها الشمس . اما مصر لم تكن لها مستعمرات بل ارض الكنانة كما يحلو للسودانيين هي الجارة القريبة التي تعتبر السودان امتدادا طبيعيا لبلاد النيل(( البلد الواحد)) الذي لن يتجزا .
هذا الشعار شعار وحدة وادي النيل رفعه السودانيون أنفسهم عندما كان طيف من الشعب السوداني ينادي بخروج الإنجليز من السودان وإعلان الوحدة مع مصر . وقد فطن الاستعمار البريطاني لهذا الاتجاه الوحدوي وعمل علي وأده في مهده حتي لا يمثل سابقة لوحدة عربية إسلامية شاملة في المنطقة تستطيع اجهاض الاحلام والمشروعات الص هي ونية التي ما زالت تسعي لإقامة دولة اس رائي ل من الني ل الي الف رات .
* لم يكن استقلال السودان حدثا معزولا أو طارئا ولكنه كان نتاجا لثورات تراكمية ضد التدخل الأجنبي في الشان السوداني منذ دولة الفونج والقبائل السودانية التي قاومت جيوش محمد علي باشا التي غزت السودان باسم الفتح التركي المصري والتستر تحت عباءة الخلافة العثمانية كي يقبل بها أهل السودان .
* ثم كانت الثورة المهدية التي أجلت كافة الحاميان الأجنبية التابعة التركية السابقة من السودان الشمالي والجنوبي.
* قاومت المهدية رغم راي الكثيرين السالب فيها عملية إعادة فتح السودان التي استغرقت ثلاثة أعوام من الح روب والمع ارك المتواصلة الي ان انتهت بكرري وام دبيكرات علي نهر النيل والنيل الابيض ولم تتوقف المقاومة بعد مق تل راس الدولة الخليفة عبد الله بل استمر الكفاح و الم قاومة من قبل الفكي ابو جميزة و الفكي عبد القادر ود حبوبة وغيرهم . ورغم محدودية تلك الانتفاضات و الثورات إلا أن البط ش والتن كيل الذي واجهها به الاستعمار الإنجليزي يدل علي حالة الخوف والذعر من جانب القادة البريطانيين من تكرار التجارب التي حدثت مع هكس باشا و غوردون باشا حاكم عام السودان وعشرات الآلاف من الضباط والجنود البريطانيين الذين قضوا في شيكان والخرطوم وبربر والكربكان وغيرها .
* وما يدل علي حيوية الشعب وتنوع اساليبه في الصمود والج ه اد ان الم قاومة الوطنية للاستعمار لم تتوقف من جانب السودانيين حتي بعد ان دانت الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية للاستعمار الإنجليزي ومضت جذوة المقاومة علي مدي ستين عاما من كل الفئات الطلابية والعسكرية والعلماء ورجال الدين واهل الإعلام والصحافة فكانت ثورة ١٩٢٤م المعروفة باللواء الابيض والمظاهرات و الاضرابات الطلابية ومؤتمر الخريجين الذي نشأ في العام ١٩١٨م علي مقربة من التحركات العسكرية لللواء الابيض وكان مؤتمر الخريجين الذي تقدم بمذكرته الشهيرة في العام ١٩٣٨م يضمر السياسة وينشد استقلال السودان وحرية شعبه .
لقد تحقق الاستقلال وتم رفع علم السودان وانزال العلمين المصري والانجليزي اللذين كانا يرمزان الي الحكم الثنائي وكانت فرحة نابعة من كل قلب يا بلادي-
* اليوم نرفع راية استقلالنا و يسطر التاريخ مولد شعبنا يا اخوتي غنوا لنا اليوم .
ظل التحدي الأكبر أمام السودانيين بعد الاستقلال هو تحدي البناء والتنمية والوحدة الوطنية بعد أن حصل الشعب السوداني علي الحرية المنشودة وهي إرادة الإنسان ومشيئته المنبثقة من إرادة الله وليست الفوضي السياسية التي حلت بالسودان في صور متعددة وأدت لتدمير البلاد وضياع قيم الاستقلال والحرية والديمقراطية .
* ظن البعض أن الحرية التي يجب أن يحصل عليها المواطن السوداني هي حرية مطلقة ليس لها قيود اجتماعية أو دينية أو قانونية وأكثر من اكتوى بنيران الفوضي والإباحية السياسية والاجتماعية هي الدولة السودانية التي تم استهدافها وما نحن فيه الآن ما هو إلا رد فعل مباشر للعمليات التدميرية المتواصلة للدولة من قبل جماعات ظن بعضها ظنا سيئا ان العقبة الاساسية امامها هي الدولة والحل هو القضاء عليها تارة باسم بقايا الاستعمار وتارة اخري باسم الطائفية وتارة باسم حكم العسكر ودولة ١٩٥٦م. والبعض اعتبر الاستقلال نفسه جريمة ومنكر لابد ان يتم تغيره وضربه بيد الاستعمار من حديد كانما الاستقلال تحقق علي يد فئة من الشعب دون اخري .. الم يتحقق الاستقلال علي ايدي سودانية في الشمال والجنوب والشرق والغرب وتم إعلان الاستقلال من داخل البرلمان السوداني في جلسة تاريخية بتاريخ ١٩ ديسمبر ١٩٥٥ ؟ وهل كان الاستعمار في حاجة لمحاباة او موالاة مواطن دون آخر وهو الذي يملك القوي لردع الجميع وقهرهم والركوب علي ظهورهم كما فعل مع العديد من الشعوب التي خرجت من الاستعمار لتبني اوطانها وليس تدميرها كما يفعل العاقون والعملاء بسوداننا الحبيب .
* ما يؤسف له حقا ان الاستعمار اليوم قد جاء منقلبا علي اعقابه منذ ح ر ب جنوب السودان 1955م وخروج الكلونية ولكن ولجت الينا الصه ونية العالمية التي دعمت حركات الت مرد الانفصالية بالمال والسلاح والإعلام الي ان تم لهم فصل جنوب السودان عن الوطن الام .
* وتم فرض الحصار الاقتصادي من قبل الولايات المتحدة الامريكية المؤتمرة بامر اس رائ يل وحلفائها علي السودان.
* عاد الاستعمار عبر عملائه في التجمع الوطني الديمقراطي والحرية والتغيير تقدم وعراب الإمبريالية والص هي ونية العالمية عبد الله آدم حمدوك رئيس وزراء السودان الذي طلب من الامم المتحدة إرسال بعثة سياسية لمساعدة السودان في التحول الديمقراطي تحت البند السادس برئاسة فولكر بيرتس الذي عمق الخلافات بين السودانيين واشعل الح ر ب بين الجيش الوطني وقوات الدع م الس ريع الم تمردة تحت رعاية الرباعية الدولية التي اعلنت الاتفاق الإطاري وهيكلة الجيش السوداني واستبداله بقوات الدع م الس ريع واستلام السلطة بالقوة بواسطة حم يدتي قائد قوات الدع م الس ريع . و قد تم ابعاد فولكر من البلاد واستبداله باخر هو رمطان العمامرة المبعوث الشخصي للأمين العام للامم المتحدة بصلاحيات اقل من فولكر ولكنه ليس بعيدا عن محاولات فولكر لخلط الاوراق في السودان من جديد .
* نسي الدكتور حمدوك رئيس الوزراء الانتقالي المستقيل من منصبه لاحقا وحاضنته السياسية تقدم ان السودان سبق ورفض الانضمام الي مجموعة الكومنولث التي تضم المستعمرات البريطانية وتمسك بحق شعبه في الاستقلال التام عن بريطانيا فكيف يعود للعب ودية والوص اية الدولية من جديد ؟علما بان فكرة بعثة فولكر نبعت عبر الخطاب الذي كتبه سفير المملكة المتحدة بالخرطوم عرفان صديق باسم رئيس وزراء السودان لتتولي فيه الامم المتحدة الانتقال الديمقراطي في بلد مارس الانتقال والتحول الديمقراطي عدة مرات !
* تمر الذكري التاسعة والستون لاستقلال السودان وبلادنا تخوض ح ر باً عالمية تم فرضها علي الشعب السوداني من قبل الامريكيين والكي ان الص ه يوني ودولة الإمارات العربية المتحدة منذ الخامس عشر من ابريل ٢٠٢٣م .
* لقد حشد المستعمرون الجدد الجيوش من عربان الش تات وش ذاذ الآفاق من كل العالم لتدمير الشعب السوداني ونهب ثرواته ومقدراته وتدمير قواته المسلحة وتمزيق البلاد بتشكيل حكومة المنفي وإعلان دولة في ما يسمونها بالمناطق التي تسيطر عليها قوات الدع م الس ريع الم تمردة . وما أشبه الليلة بالبارحة وكان جيش كتشنر الذي قام بغزو السودان في مستهل القرن العشرين يضم مرت زقة من كافة بلدان العالم من آسيا وافريقيا والسودان نفسه .
* تمر هذه الذكرى العظيمة لاستقلال السودان وبلادنا تواجه الاستعمار بكل ما تعني كلمة الاستعمار .
* وفي ظل هذه الذكري العطرة الخيار الوحيد امام الشعب السوداني هو التحرر من الهيم نة الخارجية بعد ان عرف السودان ما هو الصديق وما هو العدو لبلادنا وشعبنا كما قال السيد رئيس المجلس السيادي القائد العام للقوات المسلحة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان في كلمته بمناسبة ذكري استقلال السودان .
* المخرج الوحيد من ورطة الاستعمار الجديد وتحقيق الاستقلال التام والعيش تحت سقف الحرية هو التمسك بهوية الشعب السوداني وهي الاسلام ديننا الحنيف ومصدر عزتنا وقوتنا وعبادتنا لله الواحد الاحد .
* والحفاظ علي قواتنا المسلحة الجيش الذي يحمي الدين والارض والعرض. و علي السودانيين الاستمرار علي طريق الم قاومة الش عبية التي تدعم القوات المسلحة في الح ر ب والسلم والخدمة الوطنية والشرطة والشرطة الشعبية وجهاز الامن والمخابرات وكافة اجهزتنا الامنية والشرطية .
* التمسك بالوحدة الوطنية وتنقية الصف الوطني من العملاء اذناب الاستعمار واخذ العبرة من الح ر ب المفروضة علي السودان ووضع حد للتسيب واللامبالاة واخذ كتاب الاستقلال والعزة والكرامة بقوة .كما امر الله تعالي( يا يحي خذ الكتاب بقوة) وهو ما زال صبيا وقد مر علي استقلالنا حين من الدهر .
* التحية لرواد الاستقلال الآباء المؤسسين للسودان الحر في برلمان الاستقلال والقوي الوطنية الوحدوية والاستقلالية ومن اقترح استقلال السودان من داخل البرلمان السيد عبد الرحمن دبكة ومن ثني الاستقلال الناظر جمعة سهل وكل ابناء الجنوب والشمال .
* والتحية لمن رفعوا عالم السودان الزعيمين اسماعيل الازهري رئيس وزراء السودان والسيد محمد احمد محجوب زعيم المعارضة .
* والتحية لجيش السودان العظيم الذي حمي البلاد وحافظ علي وجود الدولة السودانية منذ الاستقلال الي يوم الناس هذا وكل عام وانتم بخير .