
دنقلا: رمضان محجوب
يشتهر مواطن الولاية الشمالية بتناوله لوجبة حصرية وتحمل براءة اختراع له وهي الملوحة أو “التركين” كما يحلو للكثيرين تسميتها، فهي الطعام الوحيد في العالم الذي لا (تاريخ انتهاء صلاحية له).. حيث تتسابق غالبية مكونات الولاية القبلية من حلفاويين وسكوت ومحس ودناقلة وشوايقة وبديرية وبقية المكونات الأخرى، تتسابق لصناعة هذة الوجبة المميزة لفطور الجمعة..
نكهة مميزة
ولأنها وجبة مميزة وشهية تتداعى لها كل العائلة والأسرة بل إن كثيراً من ضيوف الولاية يطلوبنها بالاسم ويشترطون وجودها في مائدة من يدعوهم لها؛ لما اكتسبت من شهرة واسعة بين العالمين ونكهة تتحدى الزمن.
“اتكيت” التركين
للتركين فن وقواعد وسلوك “اتكيت” عند أكله؛ وهو سلوك توارثناه في الشمالية كابراً عن كابر ولم نسأل يوماً عن صحته من عدمها. فعند تناول التركين في وجبة الفطور يجب أن يتم ذلك على الريق.. ثم تتبعه بتمرات من البركاوي أو القنديلة
أيضاً كما ينهى بروتكول التركين عن شرب الماء بعد الوجبة مباشرة، وعلى آكل التركين الانتظار قليلاً حتى “تحل قراصة التركين” مكانها المأمون داخل البطن؛ وبعدها يمكن تناول الماء لكن بكميات قليلة.
سبر أغوار
في وقت سابق سألت أحد أعيان الشمالية رحمه الله وهو من مدمني التركين عن سر تناول البلح مع التركين وسر عدم شرب الماء مباشرة بعد تناوله فأجابني: إن التأخر في شرب الماء بعد تناول التركين لإعطاء “الملوحة” ومكونها الفسيخ “سمك” سانحة حتى يأخذ راحته في البطن لأن به كمية من الفسفور الذي يتفاعل مع إنزيمات الإمعاء المخلوطة بالماء. وأما سر تناول البلح معه أجابني بأنها مجرد عادة أو تقليد تم تناقله عبر الأجيال. ومع ذلك، من الناحية الغذائية، يعتبر التمر وجبة خفيفة ومصدر جيد للحلاوة الطبيعية دون الحاجة إلى السكريات المضافة.. خاصة وأن التركين به كمية كبيرة من الأملاح مما يستوجب أكل سكريات لتحقيق الوزنة.
طريقة عمله
وأخيراً ينبغي علينا معرفة طريقة عمل التركين “الملوحة”. والتي تتم بوضع كمية كبيرة من الملح على السمك ويوضع في إناء محكم القفل “جردل” لمنع دخول الهواء ويدفن في باطن الأرض ويتركونه لمدة أقلها شهر ليتحلل السمك ويتحول إلى تركين “ملوحة” ذات رائحة لاذعة… يتباري لتناولها كثير من الناس.
* نقلاً عن صحيفة (الشمالية)