سودانيون

الأمين علي حسن يكتب: حقائق يجب أن تقال

يروى أن

الأمين علي حسن

حقائق يجب أن تقال

صبيحة قرارات البرهان التي أعفى من خلالها حكومة “قحت”، كنت حينها بإحدى قرى السودان البعيدة، دخلت نادياً للمشاهدة لكي استمع إلى خطاب الرئيس، تصادف دخولي مع شاب من شرق السودان كان يطوف جبال وصحاري السودان بحثاً عن الذهب (دهابي)، قال لي بالحرف (علي الطلاق من يوم قحت ما استلمت الحكومة أنا قدام شاشة ما قعدت).. واستدرك الشاب (البرهان دا كنا ظالمنو لكن حرم طلع راجل وود بلد).

دار النقاش وأغلب الحضور أثنى على البرهان.

يومها كان ينظر الناس للبرهان باعتباره بطلاً قومياً اتخذ “القرارات الصاح” لإنقاذ البلاد من شلة الناشطين، وانتظروه ليكمل المشوار ولكن للأسف مضت سنتان بدون حكومة حتى بدأت كارثة ابريل 2023م ليصبح الشعب السوداني مشرداً بين نازح ولاجئ.

لن نعود إلى الخلف لكي نسأل من الذي عدل قانون الدعم السريع ليصبح قوة موازية للجيش في التسليح والتدريب وغيرها من الأمور.

وبعد أن بدأت ازمة الإطاري أصبحت الأمور أكثر وضوحاً بأن الحرب قادمة لا محالة، كان الناس يظنون أن القوات المسلحة وضعت استعداداتها وتحوطاتها لما هو أسوأ.

الزميل ضياء الدين بلال يقول في فيديو قبل شهور إنه سأل البرهان قبل الحرب عن توقعاته، يقول كانت إجابة البرهان إذا قامت الحرب بيدخلوا بيوت الناس والمواطنين بيتضرروا بس الجيش بينتصر.. من الإجابة واضح أن توقعات البرهان ليست بعيدة عن توقعات العامة.

بدأت الحرب ليكتشف أهل السودان أن عاصمتهم كانت مهددة وأن قواتهم كانت مخنوقة بمعسكرات للدعم السريع في بحري وأم درمان والخرطوم، أغرب مافي الأمر حتى المدينة الرياضية التي تتبع لمؤسسات الدولة كانت تضج بعربات وجنود الدعم السريع، واستمرت حرب الغرائب وكل يوم يدهشنا موقف غريب وعجيب لم نألفه في تاريخ الحروب والصراعات.

لأول مرة في تاريخ القوات المسلحة تجد نفسها تدير معارك وسط الأحياء السكنية والمؤسسات العامة.

ولأول مرة في تاريخ القوات المسلحة التي تعد من أكثر جيوش القارة خوضاً للمعارك لا تستطيع توفير خطوط إمداد لحامياتها في الولايات (دارفور).

ولأول مرة في تاريخ الحروب يقوم الأقل عدداً وخبرة ومشروعية بمحاصرة الأكثر عدد وقوة وصاحب مشروع.

مدهش حقاً أن تسمع بمحاصرة حاميات الغربية وسلاح المهندسين والمدرعات وغيرها من قبل مليشيا تفتقد للقيم والخبرة والمشروع.

لأول مرة في التاريخ تخوض القوات المسلحة حرباً مستمرةً وتهجير ونزوح ووزير الدفاع آخر صوت له يوم أن أعلن الاستنفار العام بداية الحرب.

الأغرب أن تخوض القوات المسلحة حرباً بهذه الشراسة لأكثر من سنة وإعلامها لا يرتقي لمستوى المعركة وتضحياتها.

هذه الحرب غريبة ومحيرة في كل شئ يحتاج تفكيراً بطريقة مختلفة وأسلوب مختلف وقرارات مختلفة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.