سودانيون

نماء ابوشامة ..تكتب ..حين يتناثر الزجاج

ذلك الصباح، مددت يدي إلى علبة البن الزجاجية لأصنع كوب قهوة يرافق هدوئي، فإذا بها تنزلق وتسقط أرضًا. تناثر الزجاج من حولي في كل اتجاه، وتبعثر الصمت بصوت الارتطام. لحظة قصيرة، لكنها حملتني إلى تأملٍ طويل: هناك أشياء حين تنكسر لا تعود كما كانت، تمامًا كزجاجٍ هشّ فقد تماسكه.
تذكرت وجوهًا أحببناها، وقلوبًا وثقنا بها، ثم تسلّل إليها الغياب وتبعته الخيانة، فتناثرت من حياتنا كما تناثرت شظايا الزجاج تحت قدمي. مهما حاولنا جمعها، تبقى الحواف جارحة، واللمسة موجعة، والفراغ واضحًا.
الحياة تُعلّمنا أن بعض الخسارات نهائية، وأن هناك جروحًا لا يجدي معها الترميم. لكننا نتعلم أيضًا أن السير فوق الركام يمنحنا صلابة، وأن الألم يوقظ فينا وعيًا جديدًا. ربما لا تعود الأشياء كما كانت، لكننا نحن من نتغيّر، ونكبر، ونستعيد قدرتنا على احتساء قهوة جديدة في صباح آخر، بعلبة مختلفة، وبقلب أكثر حذرًا.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.