سودانيون

رشان أوشي تكتب …هل ميثاق أهل الجزيرة ظاهرة سياسية منفصلة؟

 

بعد ستة أعوام على خلع الرئيس الأسبق “عمر البشير”، يغوص السودان في مستنقع عميق من الانقسام السياسي.

 

ليس هناك أفق سياسي يمكن التعويل عليه، ولا قدرة على إحراز شروط أفضل في ظل استمرار الانقسام والتشظي. فمحاولات النادي السياسي للنهوض من بين الركام لا تلقى استجابة؛ فهي أحزاب وكيانات ضعيفة التأثير أمام سطوة البندقية.

 

كل فئة من مكونات النادي السياسي تمر بامتحانات صعبة، إمّا أن تفشل في مواجهتها، أو تحوّلها إلى نجاحات ومآثر كبرى.

 

في ظل هذا التردي والعداء والجمود، لم يعد سهلاً إعادة الحياة السياسية المدنية إلى مواضعها، حتى يُحسم الجدل وتقرر الأحزاب: أين تبحث عن الدولة، في التاريخ أم في المستقبل؟ وكيف تقدم وتنتقي قيادتها؟ وكيف تحمي السودان من الشطط والأخطاء والكوارث الكبرى وانعكاساتها، وتضعه فعلاً على سكة الدول القادرة على تجاوز ما مرّ به طوال العقود الماضية، رغم جلافة السلاح وقسوة الأزمنة الراهنة التي تسببت بها.

 

وسط هذه الأوضاع المعتمة، ظهرت بارقة أمل قد تسهم في تعبيد طريق ثالث يقود إلى الاستقرار، ولكنها هذه المرة بعيدة عن مركز القرار السياسي؛ هناك في ولاية الجزيرة، عندما أعلنت كيانات مدنية وجماعة مسلحة عن مشروع جديد عنوانه: “ميثاق أهل الجزيرة”.

 

كان مؤسسو هذا المشروع أكثر واقعية، فلم يتجاهلوا الخلفية الأهلية التي تتحكم بالسياسة في بلادنا، ولا الخلفية النزاعية التي فرضها واقع الحرب بظهور جماعات مسلحة كقوات “درع السودان” و”كتائب الصندوق الأسود”.

 

لقد فتح “ميثاق أهل الجزيرة” النقاش حول المناهج السياسية الأيديولوجية التي أمعنت في تصديع النسيج الوطني، واستبعدها تماماً، مما دفع جماعات عريضة تعتبر نفسها ضحية حرب سيقت إليها مغلوبة على أمرها إلى التعاطف مع مشروع “الميثاق”، بوصفه يوفر الحماية السياسية والخلاص الجذري من حالة الانقسام.

 

صحيح أنّ أهل الجزيرة تلقّوا صفعات معنوية كبرى، لكنها لم تُترجم إلى عداء أو محمولات نفسية جمعية، بل تُرجمت إلى مشروع وطني سيستغرق وقتاً وجهداً ومواظبة.

 

كلّ هذه المعطيات دفعت عقولاً شابة تفيض بالحماس الوطني، مثل الأستاذ “مُبر محمود” الذي يمثل حالة فردية تعبّر عن الإرادة الوطنية عندما تقفز على حاجز الإحباط، والدكتور “صديق عثمان” نائب “كيكل” في “درع السودان”، والأمير “الطيب جودة” قائد “كتائب الصندوق الأسود” وآخرون ، إلى مخاطبة “أصحاب المصلحة” في ضرورة طيّ صفحة الانقسام السياسي بأسرع وقت ممكن. فأي ثمن يُدفع لطيّها يبقى أقل كثيراً من ثمن استمرارها.

 

 

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.