نماء أبو شامة تكتب: حُزنٌ لا يبكي.. وصمتٌ لا يهدأ
ثمّة لحظات لا يُعلَن فيها الحزن، لا بالبكاء، ولا الكلمات.
لحظات ينكمش فيها القلب على ذاته، ككفٍّ ضائعة في عتمة، تبحث عن دفءٍ ولا تجده..
ليس كل وجع يُقال،
ثمّة ما يُقيم في الروح بصمتٍ كثيف، يُطفئ الضجيج من حولك، ويتركك تُحدّق في الفراغ، كأنك تنتظر شيئًا… لا تعرف له اسمًا، ولا وجهًا، ولا موعدًا..
حين يسكنك الحزن، لا لأنك ضعيف، بل لأنك صادق…
تصبح الكلمات ثقيلة، والحديث عبثًا، تلوذ بالصمت، لا لأنه يُشبهك، بل لأنه الشيء الوحيد الذي لم يَخُنك بعد..
صمتُ لا يُشبه السكون، بل يُشبه العجز،
كأنك تقف على شرفة الهاوية، ولا تملك حتى أن تصرخ..
تتحرك الحياة من حولك، تضحك، وتُشعل الأضواء،
وأنت… في داخلك ليلٌ لا ينتهي، وموسيقى حزينة لا يسمعها سواك..
تتظاهر أنك بخير، تبتسم كي لا تُرهق القلوب القريبة،
لكنك في الحقيقة تُطفئ شموعك واحدةً تلو الأخرى،
إلى أن يتساوى الضوء بالعتمة داخلك..
ذاك هو الحزن الذي لا يبكي، والصمت الذي لا يهدأ…
كأن الروح تتنفس على استحياء،
وكأنك ما عدت تملك حتى ترف الانهيار..
كل شيء بداخلي يئن…
لكنه يرتدي الصمت بإتقان..