سودانيون

ياسر الفادني… يكتب..من فم الدب الروسي خرجت الحقيقة

ياسر الفادني… يكتب..من فم الدب الروسي خرجت الحقيقة

 

في جلسة علنية نادرة، خرق فيها المندوب الروسي حاجز الصمت الدولي المطبق على المأساة السودانية، نُطِق بما كان يجب أن يُقال منذ زمن: لا سلام دون حكومة السودان ، ولا حلّ دون إحترام وحدة السودان وسيادته، هذه ليست مجرد تصريحات دبلوماسية تُلقى على منابر الأمم، بل صرخة مدوية في وجه محاولات تفكيك وطن بأكمله وتحويله إلى رقعة شطرنج في لعبة الأمم المتوحشة

 

في الوقت الذي تتناسل فيه المبادرات وتُسلق التسويات على عجل، تحاول قوى بعينها تجاوز حقيقة جغرافية وسياسية اسمها السودان ، وإحدى آخر قلاع البسالة والصمود ، تُقصى عمداً من الطاولات، وكأنّ الدولة السودانية قد تم اختصارها في ميليشيا مسلحة تحتل الخرطوم وتذبح أهلها، لذلك جاءت الرسالة الروسية صريحة ومجردة من التجميل: أي مبادرة تتجاهل الواقع السياسي القائم في هذه البلاد هي مبادرة عقيمة، لا مستقبل لها، بل هي وصفة للفوضى والتفكيك

 

لكن المندوب الروسي لم يكتفِ بالموقف السياسي. بل عرّى، في لحظة صدق نادرة في دهاليز الأمم المتحدة، الفضيحة الإنسانية التي يتغافل عنها العالم، السودان اليوم يُنهش من الداخل: أمراض تفتك، مجاعة تزحف، وضمير عالمي يغطّ في نوم عميق، لا مساعدات تُذكر، ولا استجابة توازي حجم الكارثة، فقط بيانات باهتة ومؤتمرات عاجزة لا تتجاوز فيها الوعود حدود الميكروفون، هذا الصمت ليس بريئاً. إنه تواطؤ معلن مع القتل، والمجاعة، والدمار

 

السودان لا يحتاج لمبعوثين يتبادلون الابتسامات، بل لمواقف كالتي صدح بها فاسيلي نيبينزيا: واضحة، حاسمة، تقف مع سيادة الدولة، وتحترم الشعب لا الميليشيا، وتُبقي الحل بيد السودانيين لا في جيوب الوسطاء، الدعم الروسي للمبعوث الأممي ليس تفويضاً للضياع، بل مطالبة بأن يُفعّل دوره في إنقاذ ما تبقّى من السودان قبل أن يُصبح عنوانه الوحيد: دولة في خبر كان

 

ما قالته موسكو على لسان مندوبها هو تذكير مرّ للعالم بأنّ السودان ليس مجرد “أزمة إنسانية” تُختزل في تقارير منظمات ، إنه وطن يُسحق ببطء، تحت أعين من يزعمون الدفاع عن السلام، والمفارقة المُخزية أن أكثر من يتحدث عن السيادة هم أول من يدوسها حين لا تتوافق مع أجنداتهم

 

إني من منصتي أنظر … حيث أرى….. إن كان للعالم ذرة من عدالة، فليبدأ من هنا: الإعتراف بالحكومة الحالية ممثلاً واقعياً للدولة، دعمها ، ووقف هذه المسرحية القذرة التي يُراد عبرها شرعنة الجريمة، كفى نفاقاً، وكفى عبثاً، السودان ينزف، وكل تأخير في إنقاذه هو جريمة لا تسقط بالتقادم.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.