سودانيون

راشد همت… يكتب..معركة بابنوسة: حين سقطت أوهام الملي شيا أمام صلابة الفرقة 22

راشد همت يكتب..معركة بابنوسة: حين سقطت أوهام الملي شيا أمام صلابة الفرقة 22

 

في ب إقليم كردفان، وفي مدينة بدت للبعض صغيرة بحجمها لكنها عظيمة بأهلها، اندلعت واحدة من أبرز معارك الحرب الوطنية ضد تمرد الجنجويد. راهنت الملي شيا على بابنوسة كضربة خاطفة تقلب بها ميزان الميدان وتفتح لها أبواب الأبيض، لكن حسابات الأوهام ارتطمت بجدار الحقيقة: فرقة 22 مشاة صلبة كالصخر، ومجتمعٌ يقظٌ، رافضٌ، متماسكٌ كالدرع.

فما الذي دفع المليشيا لاختيار بابنوسة؟ وما تفاصيل المعركة التي شكّلت نقطة تحول؟ ولماذا نقول إن هذا الانتصار ليس خاتمة المعركة بل شرارة فصل جديد من الهجوم الوطني لاستعادة الغرب المختطف؟

أوهام المليشيا بعد 29 مايو: إعادة تموضع فاشل* بعد هجمات 29 مايو، نفذت القوات المسلحة تحركات تكتيكية بإعادة انتشارها من محاور الخوي، الدبيبات، والحمادي، لإعادة التمركز حول الأبيض، تمهيدًا لتحولات إستراتيجية كبرى.

استغلت المليشيا هذا التراجع المرحلي وبدأت توزيع عناصرها في محاولة لإعادة بناء خطوط هجومها:

تمركزت قوات السافنا والقبة في النهود والخوي.

انتشرت مجموعات فولجنق وماكن وبرشم في الدبيبات والحمادي.

توزعت فلول الخرطوم على جبرة الشيخ، بارا، أم قرفة، حمرة الشيخ، سودري، وأم بادر، بقيادة الناعم، تبارك الله، واستيفن بوي.

رغم التهويل الإعلامي والتهديدات المتكررة بـ”اجتياح الأبيض”، فإن الواقع العسكري لم يكن في صالحهم:

الأبيض محصّنة،

الجيش في جاهزية عالية،

والمجتمع هناك أكثر وعيًا ورفضًا للتمرد.

لماذا بابنوسة؟ خطة العدو وأوهام الانتصار السريع

رأت المليشيا في بابنوسة فرصة لهجوم خاطف يحقق لها مكاسب معنوية واستراتيجية:

صغر المدينة مقارنة بالأبيض والفاشر، ما يوحي لهم بقلة المقاومة.

وجود الفرقة 22 مشاة التي ظنّوا أنها معزولة ويمكن إسقاطها.

اعتقاد خاطئ بإمكانية تجنيد أبناء المنطقة بدعوى “الهوية المحلية”.

الرغبة في تحقيق نصر دعائي سريع بعد الانكسارات المتتالية شرقًا وشمالًا.

جمعت المليشيا آلاف المرتزقة بقيادة صالح الفوتي، وضمت القوة:

عناصر من مليشيا التاج التجاني سابقًا المنتشرين في الفولة والمجلد والميرم.

مرتزقة جُلبوا من جنوب السودان، دُرّبوا في أبيي والدبب.

تعزيزات من نيالا والضعين والدبيبات بقيادة ماكن الصادق

كما استخدمت طائرات مسيّرة بكثافة، شنت بها غارات متكررة على المدينة، ترافقت مع قصف مدفعي، استهدف خصوصًا حي الإشلاق، مخلفًا شهداء وجرحى من المدنيين.

الملحمة: الفرقة 22 مشاة تصنع مجدًا في بابنوسة

في فجر يوم الجمعة،الموافق 13/6 شنت المليشيا هجومًا واسعًا من ثلاثة محاور، في محاولتين متتاليتين، وتمكنت من التقدم باتجاه محيط اللواء 89 مشاة.

لكنها لم تكن تعلم أنها أمام صخرة فولاذية:

أبطال الفرقة 22 كانوا في جاهزية كاملة.

تصدوا للهجوم بنيران كثيفة وكمائن محكمة.

قُتل المئات من المرتزقة خلال أقل من ساعتين.

دُمرت عشرات المدرعات والمركبات.

فرّت فلولهم مذعورة، تاركة وراءها الجثث، والأسلحة، والمعدات.

الجيش وثّق المعركة بالصوت والصورة، وأرسلها إلى قيادة العدو مع قائمة بأسماء وصور القتلى.. فكانت النتيجة: فضيحة مدوية بدلًا من نصر دعائي!

*ما لم تحسبه المليشيا: الأرض.. الناس.. والرمزية* كان فشل المليشيا مركّبًا لأنها لم تُدرك المعطيات التالية:

أهالي بابنوسة لم يكونوا متفرجين، بل انخرطوا بفعالية في الرصد والإبلاغ والدعم اللوجستي.

الفرقة 22 مشاة ليست مجرد وحدة عسكرية، بل إحدى ركائز الجيش في الغرب، بخبرة طويلة وكفاءة عالية.

رمزية المدينة نفسيًا وعسكريًا: سقوطها -لو حدث- كان سيهز الأبيض ويفتح شهية العدو تجاه الغرب كله.

فشلت محاولات اللعب بورقة “أبناء المنطقة”، لأن ما وجدوه هو رفض وطني قاطع وبيئة محصّنة بالانتماء والوعي.

*الخاتمة: النصر تحقق… لكن واجب الزحف بدأ الآن*

لقد أثبتت معركة بابنوسة أن المليشيا ليست قدرًا، وأنها قابلة للهزيمة بل والانهيار عند أول مواجهة حقيقية. لكن المعركة لم تنتهِ. بل بدأت الآن:

فالعدو، بطبيعته، لا يتوقف عن الكرّ والفرّ، ويبحث عن أي ثغرة لاستنزاف الجيش والمجتمع.

لذا، فإن الدفاع البطولي للفرقة 22 لا يكفي وحده، بل يجب دعمه وتعزيزه عبر:

فتح متحركات هجومية نحو الفولة، المجلد، الضعين، والميرم.بإسناد بري واسع و

استنفار المجتمعات المحلية شمال وغرب كردفان لقطع طرق الإمداد عن المليشيا.

إن انتصار بابنوسة ليس مجرد صدّ لهجوم، بل بداية لهجوم مضاد، وتحول استراتيجي، وإعلان واضح أن الجيش باقٍ، والفرقة 22 صامدة، والزحف لتحرير الغرب واجبٌ وطني لا تراجع عنه.

بابنوسة لن تنكسر، والفرقة 22 مشاة باقية في خط النار.. دفاعًا عن الأرض والعِرض والسيادة .

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.