ياسر الفادني… يكتب :لا تجعلوا الكرامة تُطعَن من الخلف
في هذا الزمن السياسي العاصف، حيث تُختبر القلوب والعقول، لا خيار أمامنا إلا ارتداء قميص الاتزان، والمضي في درب الشورى، وسماع الآخر بعينٍ من الوعي لا التوجس، وبأذنٍ من الفهم لا العناد، فالبلاد تمر بمنعطف حاد، والشأن السياسي ليس ترفًا نمارسه بل ضرورة وطنية تقتضي الحكمة والتجرد
الحكومة القادمة ليست مجرد مقاعد تُوزع، بل مسؤولية تاريخية تُناط بمن وضعوا أرواحهم دروعًا في معركة الكرامة. هذه الجهات من مقاومة شعبية وحركات مسلحة وطنية قدّمت ما لا يمكن إنكاره، من شهداء ومواقف خلدها التاريخ، يوم أن اختار البعض الصمت، كانوا هم في الميدان
وإننا لنعجب من حملات التشكيك والهجوم التي تُشن هذه الأيام على بعض مكونات النضال، خاصة الحركات المسلحة، في وقت نحتاج فيه إلى التماسك أكثر من أي وقت مضى، تلك الهجمات ليست سوى طعنات في ظهر المعركة، تراقبها الأعين المتربصة، وتنتظر لحظة ضعف تُشعل فيها الفتنة… فتنة إن اشتعلت، فلن تحرق إلا هذا الوطن
نعم، من قاتل يجب أن يُكافأ، لكن ليس بالمحاصصة العمياء، بل بتوزيع عادل للمهام وفق الكفاءة لا الولاء، فالوطن لا يحتاج وجوهًا بقدر ما يحتاج عقولًا وسواعد ، يجب أن نمنح حقائب الحكم لمن يستحقها بعلمه وخبرته، لا بمن يرفع صوته أكثر أو يهدد بالانسحاب
اللحظة دقيقة، والقرار خطير، وأي انقسام اليوم هو نصر للعدو وهزيمة لنا، كل انسحاب، كل شقاق، كل خلاف غير ضروري، هو سهم يخترق ظهر معركة الكرامة… معركة يجب أن نجعلها هي الفرض، والسلطة نجعلها نافلة
إلى رئيس الوزراء، إلى صناع القرار، إلى من بيدهم خيوط المرحلة: لا تفرطوا في دماء الشهداء، لا تدعوا الاختلاف يقتل ما اجتمعنا عليه، اجعلوا مصلحة الوطن فوق الطموحات، فوق التحالفات، فوق الحصص، فإن الرماح إذا اجتمعت استعصت على الانكسار، وإن تفرقت كانت أشبه بأعواد هشّة تتكسر فرادى
هذا الوطن يستحق أكثر من أن يُدار بعقل غاضب، أو برغبة جامحة في الإقصاء، إنه يستحق أن نُحكمه بالعقل، ونصونه بالحكمة، ونرفعه بوحدة لا تهتز أمام صخب المواقف ….الآن… وليس غدًا