تقرير سودانيون ميديا
هل هي ملامح تفاوض جديد أم إعادة تموضع لقائد “درع السودان”؟
في توقيت حساس تمر به البلاد، خرج اللواء أبو عاقلة كيكل، قائد قوات “درع السودان”، بتصريحات جدلية وُصفت بأنها إعادة رسم لتموضعه في الخارطة السياسية والعسكرية. حديثه الذي حمل رسائل مزدوجة، أعاد فتح ملفات الولاء،و النفوذ، والاتهامات في وسط السودان، ودفع بالعديد من التساؤلات إلى الواجهة: من يدير خيوط اللعبة؟ وهل كيكل مجرد فاعل ميداني أم رقم في المعادلة السياسية القادمة؟
بين المعسكرات
من هو كيكل؟.. رجل الميدان والتنقل بين المعسكرات
أبو عاقلة كيكل ليس اسماً جديداً على الساحة . فالرجل كان معروفا وسط اهله قبل تكوين درع السودان او انضمامه لمل يشيا الدعم الس ريع في أغسطس 2023، وتولى قيادة العمليات في ولايتي الجزيرة وسنار، قبل أن ينشق عنها في أكتوبر 2024 وينضم للجيش السوداني ذلك التحول المفاجئ جعل منه رقماً صعباً في حسابات القوى المتصارعة، خاصة مع امتلاكه نفوذاً قبلياً وعسكرياً في منطقة استراتيجية .
ما قيل وما لم يُقل
في لقاء صحفي مطوّل، تحدث كيكل بنبرة حاسمة، محمّلاً حميدتي مسؤولية الج رائم التي ارتُكبت أثناء الح ر ب، قائلاً إن “قائد الدعم الس ريع لم يكن غائباً كما يدّعي”، في إشارة إلى ما جرى من انتهاكات في الجزيرة ووسط السودان. كما نفى تورط قواته في تلك الج رائم، مؤكداً أنهم لم يسعوا وراء مكاسب سياسية، بل قات لوا إلى جانب الجيش “دون مساومة
إعادة تقديم نفسه
تحمل تصريحات كيكل مؤشرات عديدة إلى أنه لا يكتفي بالدور العسكري، بل يحاول إعادة تعريف موقعه كفاعل سياسي محتمل.حديثه عن الاستعداد للاندماج والتسريح وفق الترتيبات النهائية بعد الح ر ب، وتأكيده على حماية السيادة الوطنية، يوحي برغبة في الدخول إلى مربع الشرعية، سواء داخل مؤسسة الجيش أو في مرحلة ما بعد الح ر ب . حديث كيكل، وتحديدًا عبارته: “إذا أردنا دخول سنار لفعلنا”، التي جاءت بعد سابقة مشابهة قال فيها: “لو أردنا دخول القضارف لفعلنا”, ليست مجرد تصريحات عابرة، بل تحمل دلالات عسكرية وسياسية لا تخفى، وتفتح الباب لتساؤلات جوهرية حول موقع كيكل من معادلة القوة في السودان، ومن رتب ظهوره الإعلامي ولماذا في هذا التوقيت ؟
رسائل مبطنة.. واستعراض للقوة
كيكل لم يكتف بتبرئة الذات، بل أطلق رسائل تحذيرية ضمنية عندما صرّح بأنه “كان قادراً على دخول سنار والقضارف”، في ما بدا استعراضاً واضحاً للقوة والنفوذ
مثل هذه العبارات قد تُقرأ كمحاولة للتموضع كرجل المهام الصعبة، القادر على السيطرة أو ضبط الأوضاع إن دُعي لذلك، أو كرسالة ردع موجهة لخصومه، بمن فيهم قيادات محلية وقبلية نافذة . وهي أولاً تأكيد نفوذه وقوته العسكرية، كرسالة طمأنة لحلفائه أو تهديد مبطن لخصومه ومحاولة لتسويق نفسه كلاعب ميداني يمكن الاعتماد عليه في الترتيبات القادمة، سواءً في الح ر ب أو ما بعدها. بمثابه تنسيق مع جهات أمنية أو إعلامية: بهدف إرسال رسائل سياسية وعسكرية لأطراف داخلية وخارجية، ربما حتى لقوى إقليمية تراقب المشهد . قد تكون بالون اختبار من جهة ثالثة: لقياس ردود الفعل تجاه كيكل، سواء داخل المؤسسة العسكرية أو في الأوساط المدنية والقبلية .
من يقف خلف اللقاء؟ ومن المستفيد من ظهوره؟
هذا السؤال ظل يطرح في الساحة دون اجابة منذ ان ظهرت التصريحات وردة الفعل العنيفة تجاها
حتى الآن، لم تُكشف الجهة المنظمة للقاء، لكن تسريب الحديث بهذا التوقيت يشي بترتيبات إعلامية مدروسة.
فهل أرادت جهة ما تهيئة كيكل للعب دور سياسي قادم؟ أم أنه هو من رتب الخطاب للعودة إلى واجهة المشهد من بوابة “الانضباط الوطني”؟
شكوك حول دقة النقل.. تحريف أم تراجع؟
بعد انتشار حديثه، خرجت بعض الأصوات من محيطه العائلي لتؤكد أن “هذا ليس حديثه”، ما أثار تساؤلات حول دقة النقل، أو احتمال تعرّضه لضغوط بعد التصريحات .
لكن أسلوب الخطاب وطبيعته لا يختلفان عن ظهوره السابق، مما يرجّح أن جوهر الحديث صحيح، ولو تم التلاعب ببعض تفاصيله .
خاتمة: كيكل في قلب معادلة معقدة
يبقى حديث كيكل حلقة ضمن سلسلة رسائل من الأطراف المتصارعة، تُقرأ في سياق أوسع من مجرد لقاء صحفي .سواء كان يسعى للعب دور تفاوضي، أو لإعادة غسل صورته من تهم الماضي، فإن ظهوره يعكس صراعاً خفياً بين قوى تحاول إعادة ترتيب المسرح السياسي على وقع السلاح.
فهل نشهد قريباً انتقال كيكل من الميدان إلى طاولة السياسة؟ أم أن هذه التصريحات مجرد بالون اختبار لما هو قادم . البعض ذهب بتحليله وتفسيره في اتجاه اخر خاصة الجانب الذي يتعلق بالطابع الايجابي عن قائد المل يشيا من صوم وتاثره بافعال افراد ملي شيته تواجده بالخرطوم وغيرها فالبعض يرى ان ذلك ربما يدخل في اكار تهيئة الساحة لجولة تفاوض او تقارب مع المل يشيا .
ولكن بلا شك الايام كفيلة بتفسير الكثير من الاحداث .