سودانيون

الأستاذ إبراهيم الدلال ..يكتب.. الشيخ محمد سعيد ود نور الدايم سليل بيت العلم والشرف والولاية

المؤرخ والنسابة الشيخ محمد سعيد نور الدايم الطيبي حفيد بيت الشيخ أحمد الطيب ود البشير .
ولد بالمرخ ونشأ يتيماً بين أخواله الربيقات يرعى الغنم، ووجده عمه العالم الرباني الشيخ الفاتح قريب الله على تلك الحال فقال لأخواله ، أطلبوا راعياً لغنمكم لأني سأخذ ابن أخي ليتعلم .. وجاء إلى أمدرمان رديفاً للشيخ الفاتح وحفظ القرءان وتتلمذ للعالم الجليل الشيخ علي أدهم، و بعد ذلك عاد ادراجه إلى بادية الكبابيش وقفل إلى أمدرمان في اواسط الثمانينيات من القرن المنصرم وكانت لنا معه أنا وصديقي الكاكوم مجالس كنا نعدها بمثابة (مجالس ثعلب) وثعلب هو عالم اللغة المتفرد أبو العباس ثعلب وقد ألف أحد تلامذته كتاباً اسماه (مجالس ثعلب) .
ومجالسة الشيخ محمد سعيد لا تمل وهو رجل صاحب نكتة فيه دعابة ورثها من أخواله الربيقات ، وهو رجل كريم متلاف وأظن أن عمر الشيخ محمد سعيد قد تجاوز القرن وهو شاهد عصر بلا شك.
كان الوزير الشاعر المحجوب يردد بإعجاب مربوعة الشيخ محمد سعيد
يا تيس قنة الصي المتادن سرقو
وقصدو يهاجم المن المدامر مرقو
ريل ابنادم القلب بي النواظر حرقو
جبينو وصبري والنوم من عيوني اندرقو
عرفني على صديق عمره وابن عمه الراحل الشيخ محمد شريف ود العباسي في أواخر التسعينيات ، وسألت الشيخ محمد شريف عن عمره فقال لي ” ماني كبير عمري ٨٤ سنه أنا في أولى والتجاني يوسف بشير في تالته بالمعهد العلمي” ومحمد شريف من فحول شعراء الدوبيت وهو ابن شاعر السودان المتفرد محمد سعيد العباسي الذي قدمه العلامة عبدالله الطيب على البارودي.
ويعد الشيخ محمد سعيد ود نور الدايم من شعراء الطبقة العالية بين شعراء الدوبيت يقول واصفاً جمله القاهريب .
القاهريب مرق عرفو وسبيبو البارد
قمري وجنو حرات السميمات وارد
بعد ما جاهو عتمور الخلا المتمارد
بتمرعبو كيف ود ام حقيبه الشارد
ويقول ..
ابو بويعج صُبُح وجاي من الدامر
واسع سدرو اهكل من قفاهو وضامر
إيدقن ليكا كوعاً شقلو أزرق وعامر
حتن منو ديفة امات قفاياً شامر
يالها من جغرافيا شاعرية .
والبويعج تصغير باعج ولعله من أوسام البشاريين.
ومن دامر المجذوب تأتي النجائب البشاريات ..
وجارى الشيخ محمد سعيد الشاعر أحمد ماشيق العدوسي وقال له ماشيق ” يا الشيخ الغني وديان لكن واديك إتا وحيدو” ويذكرني ذلك قول المعري :
وإن يك وادينا من الشعر نبته* فليس خفياً أثله من ثمامه
وآخر عهدي بالشيخ محمد سعيد منذ سنوات وقد انقطع للذكر ” بأبو زعيمه” ، ولم يبق من شعره إلا أصداء الشباب التي طوى كثيرها النسيان وحالت بيننا وبينها عوادي الزمان وصوارف الأيام .
والشيخ محمد سعيد من مراويد الذهب التي تكتحل بها عيون الكاميرات ، لولا ضعف التوثيق في بلاد يتعرض تراثها للضياع والإهمال.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.