سودانيون

ابراهيم الدلال ..يكتب ….القدالي ولوحة الشرف الصحراوي

أنا هنا بصدد الكتابة عن لوحة شرف كتبت بأحرف من نور، كتبها الخريت الصحراوي المشهور وشاعر البادية الكبير علي ود قدال السراجابي.
علي ود قدال الآن بعديد مريسة بوادي الملك، ولعله بلغ المئة ،ذاكرته وقادة وفي عينيه بريق نجوم الصحراء في ليلة صافية، وهو يحدثك عن رحلاته عبر الصحراء إلى مصر وليبيا وتونس الخضراء على متون الإبل وكأنه أبو زيد الهلالي .
وينطلق القدالي في شعره دائماً من عبقرية المكان حيث مستودع الحب والحنين إلى الوطن وهو يغادر في رحلة عبر مجاهيل الصحراء .

يومنا القمنا من عد راحة
خلاس أنقينا من بلد الفي البنات بجاحة
نحنا السبعة دقانة وشياب تراحة
صوطنا قليو فوق البي الحنين قرواحة

وسياطهم مثل (قلاية) الحب أو البن على ظهور الإبل وهي تقروح وتعج بالحنين وهي تغادر أوطانها..والإبل شديدة الحب للأوطان وقد أخبرني موسى الدويحي أن الجمل إذا نفق في الصحراء لا يموت إلا مولياً وجهه شطر السودان..اللهم إنا نسألك وطنية الإبل.
والقدالي العارف بطبائع الأبل يخاطب رفقته قائلاّ:
أندرجولها يا خوان بادّة
ما تخلوها تزكر تجيكم صادة

يذكر ود قدال وبمزيد من الفخر صديقه المغوار (أبو قرون العبادي) من عيال الفكي الفريطة، ويشبهه ببعير (مكدر) نجذته الأسفار وعركته التجاريب المرة ..قابلت( أبو قرون) هذا ، و وجدته شيخاً فانياً في سنيّ عمره الأخيرة وقد فقد الذاكرة ..ديباجة وجهه أشبه بأديم الصحراء وقد كتبت عليه رياح الزمن بخطوط معجمات ومعربات قصص الأسفار البعيدة والمغامرات المجهولة ..يقول ود قدال:
أخوان باده فزعهن بدر
وساق عاليبة أبو قرون الشديع ومكدر
حسب شهرين وفوق اجدابيا اتحدر
لا والله صحرة ليبيا ما بتتقدر

وأثنى ود قدال على امحمد الجلولي، وهو رجل من عرب أب جلول يمتاز بالنشاط و(الوشاكة) وسعة البال.
وكان الجلولي هذا يتحزم بعمامته طوال الرحلة يسوق الإبل ويخدم رفقته من المسافرين، ولم يحل الحزام إلا في الكفرة حيث بلغت الرحلة منتهاها، وقيل إنه لما حاول فك العمامة انكسرت لأنها تيبست من العرق..قال القدالي:
متين يا حالة الصحرا العلينا تزولي
يا نفس حاسبي يا روح لي جماعتك طولي
الخلا دايرلو ولداً ما بتمسكو الهولي
سمتان كيف أخونا امحمد الجلولي
ويثني القدالي ثناءً عاطراً على شيخ العرب المرحوم الحبيب جمعة سهل، وآل سهل هم نظار وذؤابة المجانين ويمتازون بالنجابة والكرم والشجاعة ..يقول القدالي:
مشينا فيافي ورقادنا صقايع
القوف جقا والبرد فوقنا بصبح مايع
زمل العنس المن السواويق زايع
قام قدامو ود جمعة الصعب مو طايع
ويذكر القدالي في لوحة الشرف الصحراوي ناس ود آدم النورابي، وناس ود آدم النورابي من النوراب أولاد فحل، وهم قوم يمتازون بالكرم ودماثة الأخلاق .. يقول القدالي:
الخلا جابلو جبالاً قباح ورصابي
والفوف جقا والجو بالعلامات مابي
وين اساعة ناسنا أبان حديثاً لابي
أخوان شكله ناس ود آدم النورابي

ولعلي أكتب يوماً عن الجغرافيا الشعرية لأيقونة الصحراء علي ود قدال ذلك الفضاء الممتد من قروقرو وهرمه بديار القرعان إلى جبل علي برسي بدرب الأربعين إلى طرابلس الغرب حتى تونس الخضراء.
وعلى كل حال فهو أطلس شعري موغل في مجاهيل الصحراء.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.